هل ينفذ ترامب وعده حول القدس؟

هل ينفذ ترامب وعده حول القدس؟
Spread the love

بقلم: توفيق المديني* — مع اقتراب موعد 20ينايرالجاري ، تاريخ تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة في البيت الأبيض من الرئيس الأميركي باراك أوباما، تتخوف مختلف الأوساط العربية الرسمية منها والشعبية ،من الإنقلاب في الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية عامة، والقدس بشكل خاص،من جراء موقف الرئيس المنتخب ترامب الداعي إلى نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية إلى مدينة القدس المحتلة.
وكان الرئيس المنتخب دونالد ترامب أعلن خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 25 سبتمبر2016 ، نيته نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، حال فوزه بالرئاسة.ومن وجهة النظر العربية و الفلسطينية، يشكل تنفيذ الرئيس الأميركي المنتخب ترامب وعده بنقل السفارة ،انتهاكاً صارخًا لقرارات الأمم المتحدة تجاه مدينة القدس. ومن المفيد التذكير هنا أن ن القرار رقم 181 (29/11/1947) لم يجعل القسم الغربي من المدينة من حصة «إسرائيل»، بل إنه سعى لإقامة كيان دولي منفصل للمدينة ككل، أي أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أوصى بتوحيد القدس وتدويلها.و في وقت كانت فيه الجمعية العامة ما تزال تدرس مسألة العدوان الإسرائيلي على الأراضي العربية المخصصة لعرب فلسطين، اتخذت «إسرائيل» قراراً بتغيير اسم القدس إلى «أورشليم».
وبعد توقيع اتفاقية الهدنة بين الأردن و «إسرائيل» ، أصبح تقسيم القدس إلى قسمين حقيقة واقعية ، إذ أصبح الجزء الغربي من المدينة الذي يسيطرعليه الجيش الإسرائيلي محتلاً من قبل «إسرائيل» ، بينما أصبح الجزء الشرقي الذي يسطر عليه الجيش الأردني خاضعًا للأردن.وفي ظل هذه الحقيقية الموضوعية من عملية تقسيم القدس، تبدلت نظرة الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي، ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية من دعم عملية تدويل القدس ووضعها تحت وصاية الأمم المتحدة، إلى القبول بالأمر الواقع بتقسيم القدس إلى قطاع غربي تحتله «إسرائيل» , وقطاع شرقي خاضع للأردن.
و بعد أن تم توحيد الضفتين الشرقية و الغربية أثر مؤتمر أريحا وإجراء الانتخابات النيابية فيهما بتاريخ 11/4/1950، التي كرست السيادة الأردنية على الضفة الغربية وعلى القدس الشرقية ـ بات واضحاً إن قرار التقسيم لم يعد واقعياً كأساس لحل سياسي للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، لكن فكرة تدويل القدس بقيت قائمة.وهكذا، عندما احتلت «إسرائيل» القدس الشرقية في حرب يونيو 1967، كانت المدينة تحت السيطرة الأردنية أو على الأقل تحت الحكم الأردني .
لقد تبنت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الستين عامًا الأخيرة سياسات ومواقف معادية للقضية الفلسطينية، كما اتّسمت السياسة الأمريكية بالدعم اللامحدود الذي قدّم على شكل مساعدات مالية وعسكرية وسياسية لـ«إسرائيل»، رغم معرفتها وإدراكها أن «إسرائيل» دولة احتلالية، إحلالية واستيطانية. وفيما يتعلق بقضية القدس، كانت المواقف الأمريكية تمتاز دومًا بالضبابية والازدواجية، ففي جانب تظهر الولايات المتحدة أنها مع الشرعية الدولية ، ومع تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالقدس، و في جانب آخر نجد السياسات الأمريكية منحازة بصورة كبيرة لإسرائيل، لجهة اعتبار «القدس الموحدة» عاصمة أبدية لدولة« إسرائيل» طبقا لقرار ضم القدس الذي أصدره رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت “مناحيم بيجين” في يونيو من العام 1981م.
ورغم أن قرار الكونغرس الأميركي الذي صدر عام 1996 ، دعابنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس،فإنّ الرؤساء الأميركيين، بمن فيهم الجمهوريون، دأبوا على تأجيل تنفيذ القرار لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي. وتتخوف السلطة الفلسطينية ومعها الدول العربية من الخطوات التي اتخذها الرئيس المنتخب ترامب ، و لاسيما تعيينه سفيراً جديداً لأميركا في إسرائيل (ديفيد فريدمان) معروفاً بتأييده الاستيطان.
وفيما تعتبر الولايات المتحدة الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، غير شرعي ،إذ ووافقت إدارة باراك أوباما على القرار 2334 في مجلس الأمن الذي يدين الاستيطان ويعتبره غير شرعي، أعلن ترامب رفضه لهذا القرار، وطلب من «إسرائيل» في تغريدة له أن «تصمد» الى حين قدومه إلى البيت الأبيض في العشرين من يناير 2017.

*كاتب تونسي.
المصدر: صحيفة الشرق القطرية