احتمال احتواء “حماس” لتصفية فقها ضئيل جداً

احتمال احتواء “حماس” لتصفية فقها ضئيل جداً
Spread the love

بقلم: يوآف ليمور – محلل عسكري إسرائيلي —

•لا تترك التصريحات التي أدلى بها قادة حركة “حماس” في إثر تصفية القيادي في جناحها العسكري [كتائب القسّام] مازن فقها [يوم الجمعة الفائت]، أي مجال للشك في أن الردّ آت لا محالة. والسؤال هو إلى أي درجة مستعدة “حماس” للذهاب بعيداً، وهل اغتيال فقها يشكل ذريعة ملائمة للتصعيد [مع إسرائيل] في الوقت الحالي؟.
•على الرغم من مرور أكثر من يومين على عملية الاغتيال، يمكن القول إن “حماس” ما زالت تعيش في حالة صدمة، فقد كانت عملية التصفية مفاجئة ومعزولة عن ساحة الاحتكاك الدائمة مع إسرائيل عند السياج الأمني والأنفاق. وحتى لو كانت إصبع الاتهام موجهة تلقائياً إلى إسرائيل، فإن الحركة ستحاول فهم ما حدث بالفعل قبل إقدامها على أي ردّ. وفي هذا السياق من المتوقع أن نسمع قريباً عن اعتقالات في القطاع، وكذلك عن “اعترافات” تم أخذها من متعاونين مع إسرائيل.
•وبعد مرحلة الصحوة ستضطر “حماس” إلى اتخاذ قرار حول كيفية الرد، فالقائد الجديد في القطاع يحيى السنوار سيجد صعوبة في المرور مرّ الكرام على عملية تصفية أحد نشطائه البارزين وهو قبع في السجن إلى جانبه وتم إطلاق سراحه وإبعاده إلى غزة في إطار “صفقة شاليط”. صحيح أن السنوار الذي جاء ليلة يوم الجمعة إلى موقع القتل تحدث عن فقها، لكنه كان يفكر بنفسه نظراً إلى أن الصمت الآن من شأنه أن يرفع مستوى الاستهداف [من طرف إسرائيل] إلى درجة تهدّد حياته.
•إن الجواب عن السؤال المهم بشأن رد “حماس” المحتمل مرهون بالجواب عن سؤال آخر هو: إلى أي درجة استكملت هذه الحركة استعداداتها لمواجهة أخرى في القطاع، وإلى أي درجة ترغب في مثل هذه المواجهة في الوقت الحالي؟
•في ما يتعلق بالجزء الأول من السؤال، لا بُد من القول إنه منذ عملية “الجرف الصامد” [صيف 2014] تمكنت “حماس” من إعادة تشغيل أغلبية وسائلها ولا سيما في مجالي الأنفاق والتصنيع المحلي للصواريخ، وأيضاً استخدام الطائرات من دون طيار. لكن التسلح كان أكثر بُطئاً مما خطط له بسبب صعوبة تهريب السلاح والمواد الأخرى من مصر. أما الجزء الثاني من السؤال فهو متعلق بالجزء الأول وبالأمور الداخلية التي تحدث في القطاع وفي مقدمها الأزمة الاقتصادية المستمرة ونسبة البطالة ومشكلات الكهرباء والمياه والتحديات المتزايدة للمنظمات السلفية.
•صحيح أن المواجهة مع إسرائيل في الوقت الحالي ستساعد قيادة “حماس” على إزاحة كل هذه المشكلات جانباً والتوحد حول كراهية إسرائيل، لكن في المقابل هناك خشية من معركة أخرى لن تحل المشكلات الأساسية في القطاع، وربما ستؤدي إلى ما هو أسوأ من ذلك: فقدان السلطة، على خلفية تهديدات وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بأن إسرائيل ستعمل للقضاء على سلطة “حماس” في أي حرب مقبلة بين الطرفين.
•وفي ظل هذا التوتر بين الرغبة في الرد والخوف من تصعيد واسع، ستبحث “حماس” عن العمل. من المحتمل أن تحاول إصابة هدف يساوي في قيمته عملية التصفية، مثل قتل ضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي. بناء على ذلك، فإنه إلى حين اتضاح الأمور مطلوب من الجيش الإسرائيلي أن يقوم بتقليص أهدافه، الابتعاد عن السياج الأمني والعمل بحكمة وعدم المخاطرة. وهذا هو بالضبط ما يفعله في منطقتي الحدود مع سورية ولبنان في إثر عمليات القتل التي نسبت إليه خلال السنوات الأخيرة في سورية.
•ومن المحتمل أيضاً أن تبحث “حماس” عن طرق أخرى، فهي سبق أن ردّت بموجة دموية دفع عشرات الإسرائيليين حياتهم ثمناً لها سنة 1996 رداً على اغتيال يحيى عياش “المهندس”. ويمكن أن تفضل “حماس” الرد من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وليس من قطاع غزة من أجل توريط إسرائيل مع السلطة الفلسطينية. وهذه بالضبط كانت الخطط التي عمل عليها فقها ابن طوباس في شمال السامرة، أي إقامة خلايا “إرهابية” لحماس في يهودا والسامرة من أجل تنفيذ عمليات ضد إسرائيل أو اختطاف جنود من الجيش الإسرائيلي.
•يجب على إسرائيل الاستعداد وزيادة الجهوزية في غزة والضفة على حدّ سواء. ولأن إسرائيل لا تريد التصعيد، يفضل اتخاذ كل الخطوات لمنع هذا التصعيد، بما في ذلك استخدام الوسطاء (خصوصاً مصر التي تقربت “حماس” منها أخيراً) لتهدئة الأمور.
•إن احتمال احتواء “حماس” لهذه التصفية ضئيل جداً، لكن في حال قيامها بالردّ فمن الأفضل أن تردّ إسرائيل بطريقة لا تؤدي إلى التصعيد، الأمر الذي قد يتدهور إلى مواجهة عسكرية أخرى في قطاع غزة.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم”، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية