الفنان التشكيلي أحمد عبدالله: ريشتي تنتصر للحق والمقاومة

الفنان التشكيلي أحمد عبدالله: ريشتي تنتصر للحق والمقاومة
Spread the love

حوار: رولا عثمان – عندما يمر الزمن عليك دون أن تشعر به فعليك أن تعلم أنك أمام لوحة من لوحاته. عندما تكتشف أنك تنظر إلى الظلم والفرح والجمال والقسوة بنفس المتعة فأنت تقف أمام لوحة للفنان أحمد عبدالله الذي يعتبر أحد أهم الرسامين في لبنان والعالم العربي.
ابن بلدة زوطر الشرقية في جنوب لبنان ظهر حبه وعشقه الكبير للرسم منذ الطفولة حيث بدأ بعمر الخامسة عشر يرسم أفلام الكرتون وبعض الشخصيات السياسية والدينية واستمر بكل إبداع في تجسيد الأحاسيس والجمال في لوحاته.
تنوعت أعماله بالواقعية فأبدع في رسم الطبيعة والبيوت التراثية العتيقة وملامح الفلاحين ووجع الناس وجسدت أعماله تاريخاً طويلاً للمقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي بكل اتقان. فالفن بالنسبة له ليس تجسيداً للواقع فحسب، ولكنه انعكاس منه ومساحة اللوحة لا تمثّل الشكل وإنما أبعاده المبعثرة في الألوان والخطوط ومساحة التظليل والبياض لإبراز معالمه وقراءة تفاصيله. وكان لموقع “شجون عربية” حوار مع الفنان أحمد عبدالله هذا نصه:

*ما هي المدارس التي تأثرت بها في مسيرتك الفنية ؟
-لقد تأثرت بالمدرسة الكلاسيكية الواقعية وذلك لما فيها من أعمال فنية تاريخية وفنانين وضعوا الأسس الأولى لمبادئ الرسم أمثال ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو وغيرهم من الفنانين في عصر النهضة ولما في المدرسة من إبراز مقدرة الفنان في الأعمال الفنية وخاصة رسم الوجوه.

*كيف ترى القضية التي تطرحها أمام الفن التشكيلي؟

-الفن هو وسيلة من وسائل التعبير العالمية وكون الفنان يمتلك إحساساً فنياً فهو الأكثر تأثراً بالأحداث التي تجري. وفي رأيي، على الفنان أن يضع إمكاناته الفنية في خدمة القضايا الإنسانية والاجتماعية وأن يوثق بلوحاته للقضايا المحقة للمظلومين والفقراء وأن يكون فاعلاً في المجتمع لنصرة الشعوب المظلومة والمضطهدة وأن تكون ريشته كالبندقية والرصاصة في نصرة الحق وإلى جانب المقاومين ضد الظلم والاحتلال.

*كيف تصف صورة الانطباع الذي يخلقه فنك في الآخرين؟

-عندما كنت أشارك في بعض المعارض الفنية وأرى تأثّر بعض الناس بلوحة عن المقاومة أو عن فلسطين، أشعر أن بعض الناس يتحمسون للمقاومة ويصورون الأعمال أو يطلبون مني أن أعطيهم صوراً عن هذه الأعمال، أشعر حينها أنني أرسلت رسالة قوية وأوصلت صورة جميلة عن القضايا المحقة وساهمت بأن أكون فرداً فاعلاً في المجتمع.
فالفن المقاوم هو من واجب كل فنان أن يوجه ريشته لدعم المقاومة كما يوجه المجاهد بندقيته تجاه عدوه وأن يوصل بريشته الصورة الحقيقية عن مظلومية الشعوب التي ظلمت من قبل أعداء أمتنا المتمثل بالاحتلال الصهيوني لأراضينا العربية وقتله لأهلنا في فلسطين. وعلى الفنان إبراز الصورة الحقيقية للاحتلال والدور البطولي للمقاومين المدافعين عن الأرض والعرض والأطفال والنساء الأبرياء.

*ما تعنيه اللوحة بالنسبة للفنان أحمد عبد الله؟

اللوحة هي الروح والمشاعر التي تخرج من جسدك لترسم أحاسيسك وتحولها إلى الواقع المرئي. لقد تأثرت بما جرى أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب للبنان عام 1982 كان عمري في حينها 14 عاماً رسمت حينها لوحة على كرتونة تمثل الاحتلال وتصوّر الجنوبيين في أثناء تصديهم لهذا العدو. كانت اللوحة بالألوان الخشبية حيث أظهرت العدو الصهيوني كـأفعى تلتف على خريطة لبنان ويد المقاومة تمسك برأسها وتشد عليه وتحاول منعها من الالتفاف على كامل الخريطة.

*في أي وقت تحب أن ترسم؟ هل هنالك زمن محدد؟

-ليس هنالك زمن محدد. فعندما تخطر ببالي فكرة ما أحب أن أجسدها من خلال عمل فني أو إذا كان هنالك حدث معين أو مشهد أو صورة أعجبتني وتأثرت بها وأحببت أن أحولها إلى عمل فني.

الفنان أحمد عبدالله مع الرئيس اللبناني السابق إميل لحود

*يقول ارنست ليفي: “ستبدأ الإنسانية بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الكمياء أو الفيزياء أو المال|. هل ينطبق هذا القول على الفن التشكيلي في الوطن العربي؟

-نعم هنالك مشكلة كبيرة في وطننا العربي مع الفن بشكل عام فلا يوجد أي تشجيع أو دعم من الدولة للفن التشكيلي عوضاً عن المستوى الضعيف للمعاهد والجامعات مقابل الجامعات الفنية في الغرب. إن بعض أساتذة الرسم في جامعاتنا يكاد أن يكونوا هواة أو أقل من ذلك للأسف. ونرى أن بعض الفنانين الذين تخرجوا من هذه الجامعات والمعاهد هم بمستوى متدنٍ جداً وهذا يؤثر على الفن التشكيلي بشكل عام. أنا لا أعمم فلدينا في الوطن العربي فنانون محترفون وأسماء لامعة وأعمال لها قيمة غنية عالية.

*هل ترى أن الاعلام مقصر تجاه الفن التشكيلي وهل هنالك سبل لمحو أمية العين؟

-نعم الإعلام مقصر في اظهار بعض الفنانين. فأكثر الأوقات يتعاطى الاعلام مع الفنانين المشهورين الذين صنعوا أسماءهم من خلال المال أو المعارف الشخصية في وسائل الإعلام دون التركيز على بعض الفنانين المبدعين الذين لا يمتلكون ئلك المال أو تلك المعارف الشخصية التي تسلط الضوء عليهم أو تظهر أعمالهم.. الإعلام الموجه سياسي ومالي ويلعب دوراً مهماً في إظهار الفنان وتقديمه إلى الجمهور المتلقي واعطائه حقه في الوسط الفني.

*ما الذي يميّز العمل الفني في الوقت الحالي، الحداثة أم الأصالة؟

الرسم هو عبارة عن مدارس مختلفة لها محبوها وتختلف الآراء بين فنان وآخر أو مشاهد وآخر، بالنظرة إلى المدرسة الواقعية أو الحداثة فلكل رأيه الخاص. وباعتقادي أن الرسم بدأ بالعودة إلى المدرسة الواقعية المتجددة إن صح التعبير لما أصبح الفن عليه بعد الحداثة والتشويه للعين من بعض الأعمال الشخصية أحياناً التي لا تمثل أية قواعد للرسم أو الفن. تتجه أعمالي إلى المدرسة الكلاسيكية التعبيرية الواقعية.

*هل تشعر بعزلة لوحاتك أمام الفن التشكيلي في العالم العربي؟

-لا أشعر بعزلة في لوحاتي فأعمالي لها محبون ومعجبون كثر في لبنان والوطن العربي. وقد شاركت في الكثير من المعارض والمهرجانات الدولية، وقد دعيت إلى مؤتمرات ومعارض دولية لاقت فيها أعمالي إعجاب الكثيرين. فالمواضيع التي أركز عليها في أعمالي تتجه نحو الفن المقاوم والقضايا الإنسانية والاجتماعية والتراثية. وهذه القضايا تهم شرائح واسعة من الناس صغاراً كانوا أم كباراً.

*ما هي أبرز الجوائز التي حصلت عليها والمعارض التي شاركت فيها؟

-حصلت على جوائز عدة في مسابقات ومشاركات فنية محلية وعالمية منها :
معرض المقاومة الإسلامية عام 1995.
معرض رياحين (الحمرا) عام 1996.
معرض الصداقة اللبناني الإيراني عام 2008.
معرض زمن الانتصارات – قصر الأونيسكو – بيروت.
معرض فردي (بيروت) عام 2014.
شاركت في المهرجان الدولي للفن المقاوم في طهران بمشاركة 25 دولة وكنت رئيس الوفد اللبناني عام 2017.