عملية اغتيال القائد القسامي فقهاء متعددة الأهداف

عملية اغتيال القائد القسامي فقهاء متعددة الأهداف
Spread the love
القائد القسامي فقهاء

بقلم د.عقل صلاح* — أكدت حركة حماس أن جريمة اغتيال الأسير المحرر مازن محمد حسين فقهاء من تدبير وتنفيذ الاحتلال الإسرائيلي، وأنه هو من يتحمل تبعات ومسؤولية الجريمة.
لقد اغتيل الشهيد القائد القسامي فقها عبر اطلاق أربع طلقات على رأسه من مسافة قريبة من مسدس كاتم للصوت بطريقة الاحتراف الموسادي أمام بيته بمنطقة تل الهوى جنوب مدينة غزة، بتاريخ 24آذار/مارس من الشهر الجاري. ومن المهم في هذا السياق أن نلاحظ أن الاحتلال الإسرائيلي ماض قدمًا في تصفية الحساب مع قادة ورجال المقاومة الفلسطينية الذين خرجوا في صفقة شاليط وغيرهم. فإسرائيل غير ملتزمة بأي صفقة أو اتفاق حتى لو تم إبرامه بوساطة عربية ودولية، وما جعل إسرائيل تتمادى هو عدم اتخاذ وسطاء الصفقة المصريين والدوليين موقف واضح على انتهاك إسرائيل للصفقة واعتقال العشرات من الذين تم الافراج عنهم وإعادة الحكم السابق عليهم.
ويذكر أن الأسير فقهاء أحد محرري صفقة شاليط، وحكم عليه 9 مؤبدات بعد أن اتهمه الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ العملية التي قتل فيها 15 إسرائيلي والتي جاءت ردًا على اغتيال عضو المكتب السياسي لحماس صلاح شحادة. وعلقت حماس على عملية الاغتيال في بيان صادر عنها قالت إنها ستجعل الاحتلال يندم على عملية (الاغتيال الهادئ) وإن من يلعب بالنار سيحرق بها.
لقد هدفت إسرائيل من خلال عملية اغتيال الفقهاء لايصال العديد من الرسائل، وإجراء العديد من الاختبارات في هذا الوقت بالذات. وانطلاقا من ذلك تناقش هذه المقالة تحديدًا الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها من خلال عملية الاغتيال بظل الاعتدال الحمساوي.
يتجسد الهدف الأول في إرسال رسالة مزدوجة الأولى للشارع الإسرائيلي والأحزاب الإسرائيلية بأن إسرائيل عازمة على تصفية الحساب مع رجال المقاومة وكل من تلطخت يداه في الدماء حسب إدعائها بغض النظر عن التقادم الزمني. والرسالة الثانية هي لكل من يريد السير على نهج المقاومة بأن هذا هو مصيرك. ولكن هذه المعادلة ثبت فشلها ولم تحقق أهدافها، فالاحتلال اغتال مئات القادة ولم تتوقف الثورة.
أما الهدف الثاني والأهم، هو اختبار رد فعل القائد الحمساوي يحيى السنوار وطريقة تفكيره، وردة فعله على الاغتيال، وهل بمقدوره العمل بظل هذه الضغوط؟ وبنفس الوقت توجيه رسالة واضحة للسنوار بأن اغتيال إسرائيل لمن تحرر معه في الصفقة في عقر دار القسام قادر على أن يصل لك، فعملية اغتيال الفقها تمثل الامتحان الأول والأصعب للسنوار صاحب العقلية الأمنية الخالصة.
وينصرف الهدف الثالث، وهو أيضًا لايقل أهمية عن سابقه، إلى جر الأمور في غزة للفعل وردات الفعل، وصولًا لحرب سريعة بظل ميلان ميزان القوة والتأييد العربي والدولي لإسرائيل من أجل تصفية القائد السنوار والعديد من القيادات السياسية والعسكرية لحماس التي استطاعت تحقيق فوزًا ساحقًا في انتخابات حماس الداخلية. فهذه القيادات معروفة بنهجها المقاوم والمتقارب مع كل من إيران وحزب الله، فهي من الخط المعارض للتقارب الحمساوي التركي القطري وتعي جيدًا أن هذا التيار لم ولن يقدم للمقاومة لا دعم سياسي ولا دعم مالي ولا حتى رصاصة واحدة، فهي تقف حجر عثرة في التدخل والضغط على حماس.
ويتمحور الهدف الرابع، المرتبط في الثالث :وهو سياسة التخلص من القيادات الحمساوية المتشددة من أجل تسهيل مهمة بعض الدول في تطويع حماس ونقلها لمربع الاعتراف في إسرائيل والتفاوض المباشر معها. وهذا ماعبر عنه بوضوح وزير خارجية تركيا الذي صرح قائلًا ” لقد مارسنا ضغوطاً على حركة حماس لإلقاء السلاح والدخول في مفاوضات مع إسرائيل. ولعل هذه الخطوة تؤكد بأن السياسة التركية والقطرية تتلاقى مع السياسة الإسرائيلية التي تهدف لتقليم قيادة حماس من كل القيادات المعارضة التي تقف في حلق إسرائيل وغيرها من أجل نقل حماس من معادلة الاعتدال المطلوب إلى معادلة الخنوع والقبول المرغوب.
وينصرف الهدف الخامس إلى استهداف شخص القيادي الأسير المحرر صالح العاروري، الذي تحمله إسرائيل مسؤولية عمل حماس العسكري في الضفة الغربية. فإسرائيل تعمل على تهيئة الشارع والرأي العام بتحميل العاروري مسؤولية العمل العسكري من أجل تصفيته، فهو يعتبر من مؤسسي الجناح العسكري لحماس ويحظى باحترام منقطع النظير. وهذا الاستهداف ما عبر عنه إليئور ليفي محرر الشؤون الفلسطينية في صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 25 من الشهر الجاري بقوله “أن الفقهاء هو من المقربين بل ويعمل تحت إمرة القيادي صالح العاروري، المسؤول الأبرز الآن عن الأنشطة العسكرية لحماس في الضفة الغربية، الأمر الذي يجعل هذه العملية بمثابة تحدي واضح ومباشر للعاروري ذاته وليس فقط للقيادات الحمساوية.
وينحصرالهدف السادس والأخير, في رفع معنويات العملاء في القطاع، فجهاز الشاباك قادر على الوصول إلى أي مكان في غزة فلا تهابوا التحرك في القطاع، وها نحن نتحرك بكل سهولة وقد قمنا في الاغتيال في عقر دار حماس.
كل ماسبق يدل على أن إسرائيل تريد السير نحو الخلاص من نهج القائد الأول لحماس في غزة، وهي رسالة واضحة بأن نهج السنوار لايمكن أن تقبل به إسرائيل، ولايمكن التسليم به، ولايمكن لإسرائيل أن تستريح قبل أن تتخلص منه، معتقدة أن سياستها هذه سوف تحقق لها الأمن والأمان، وتسيطر على فلسطين كما تشاء. ولكن التاريخ قد بين أن الاغتيال والدم لم يجلب الأمن لها، وعليها التسليم في الحقوق المشروعة للفلسطينيين وانهاء الاحتلال وهذه هي الطريقة الوحيدة في تحقيق السلام العادل .
وانطلاقًا من هذا يجب على قيادات القسام وكل قوى المقاومة أخذ كل الحيطة والحذر وعدم التراخي في الحرص الأمني والتفكير بكل خطوة يقومون بها في المستقبل ولاجير في استخدام نفس أسلوب العدو دون التبني حتى لاتحقق إسرائيل هدفها في استدراج غزة للحرب بظل تحرك ملفت ومريب لجماعات داعش في القطاع التي قامت في العديد من محاولات جر غزة للحرب بسرعة متناهية بعد استلام السنوار دفة القيادة. وبظل التقارب الحمساوي المصري وتوجه مصر الجديد في التعامل الايجابي مع حماس والتقاء مصالح الطرفين في محاربة قوة داعش المتنامية في سيناء وغزة، تريد إسرائيل خلط الأوراق من جديد محاولة جس قوة حماس وقدرتها على خوض قرار المواجهة معها، ومن أجل إفراغ جعبة حماس من العتاد العسكري والصواريخ التي لايمكن تعويضها بظل الحصار المطبق على غزة.
وفضلًا عن كل ماتقدم، يجب على حماس ضرب عملاء إسرائيل بيد من حديد، وتجفيف منابع بنك المعلومات الإسرائيلي في القطاع، والتجربة التي اكتسبتها قيادات وكوادر حماس في سجون الاحتلال تمكنهم من بسط سيطرتهم الأمنية على ظاهرة العملاء ومحاربتها، ولعل القائد الأول في حماس يمتلك معرفة وخبرة كبيرة في محاربة هذه الظاهرة المؤلمة.

*كاتب وباحث فلسطيني.
[email protected]