نحو التقنين في وسائل التواصل الاجتماعي

نحو التقنين في وسائل التواصل الاجتماعي
Spread the love

بقلم: د. هيثم مزاحم —

اختراع الانترنت بدأ كشبكة اتصالات داخلية عسكرية بدأه الجيش الأميركي في أوائل السبعينات وانتقل ليصبح شبكة اتصالات تجارية في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن العشرين. تكمن أهمية الانترنت في سرعة التواصل ورخص الاتصالات وتقليص المسافات بين القارات بما يجعل العالم “قرية صغيرة”، بما يتيح فرص التجارة والتعلم والمعرفة والبحث والتعارف والتجسس الخ..

لكنه يصبح نتيجة وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية ويؤثر في عواطفنا وأفكارنا ومزاجنا وعلاقاتنا وقد يسبب ازعاجاً للبعض أو حسداً للبعض الآخر وربما آذى نفسياً أو إحباطاً وكآبة، وربما سروراً وسعادة وثقة بالنفس للبعض الآخر. لكنه لا يجب أن نجعل هذه الوسائل تسيطر على حياتنا وتتحكم بمزاجنا وعواطفنا.

الإدمان مشكلة وسائل التواصل الاجتماعي

فالأصدقاء هنا بالمبدأ افتراضيون وأحياناً وهميون، على الرغم من تحول بعضهم أحياناً إلى أصدقاء حقيقيين وربما يتم اللقاء والتعاون والعمل والحب والزواج في حالات قليلة. إلا أن انغماس البعض في هذه الوسيلة يجعله مهووساً أو مهووسة بنشر صوره وبعدد اللايكات والتعليقات، أو كئيباً أو كئيبة بسبب التنافس مع آخرين على حجم الإعجاب بصوره أو تعليقاته، أو حسوداً مغموماً ربما بسبب أسفار الآخرين أو ثرائه أو ربما نجاحه المهني أو سعادته الزوجية أو العاطفية.

طبعاً أضحى من الصعب على معظمنا التخلي عن وسائل التواصل الاجتماعي بسبب تعودنا عليها من جهة، وارتباطنا ببعض الصداقات والزمالات من جهة ثانية، أو اعتبارها مهمة لنشر أفكارنا ومقالاتنا وفيديواتنا، أو للتواصل بصدد التجارة أو العمل الخ. لكن ينبغي علينا أن نكون واعين لخطوة وسائل التواصل هذه عندما تصبح إدماناً تحرمنا من النوم أو تؤثر في مزاجنا وسعادتنا وحزننا، وفي علاقاتنا بأقاربنا وأصدقائنا وزملائنا. فضلاً عن كون ما ننشره من معلومات وصور وأفكار نقدمه هدايا مجانية لأجهزة الاستخبارات وشركة الفيسبوك يقومون بتحليله والاستفادة منه استخباراتياً وتجارياً.

دعوتي هي للقتنين والاقتصاد في الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي إلا ما كان مفيداً للعمل والدراسة والبحث والمعرفة، والترويج لتجارتنا ومنشوراتنا، من دون الغرق في أوهام الصداقات والإعجابات والتعليقات المستفزة التي تجلب العداوات والفتن، والقهر والغم والهم.