أوروبا تسعى للحد من أضرار الهجوم التركي على سوريا

أوروبا تسعى للحد من أضرار الهجوم التركي على سوريا
Spread the love

(رويترز) – تسبب الهجوم التركي على قوات يقودها الأكراد في سوريا في غضب عارم من حلفاء أنقرة الأوروبيين وخشيتهم من أن يؤدي ذلك لوصول موجة جديدة من المتشددين لكن الدول الأوروبية تسابق الزمن للخروج برد فعل محكم بخلاف رفض المساعدة بالأموال في أي أزمة إنسانية جديدة قد تستجد على حدودهم.

وواصلت القوات التركية وجماعات مسلحة سورية تدعمها أنقرة التوغل في الأراضي السورية يوم الخميس مما فتح جبهة جديدة في الحرب الأهلية السورية الدائرة منذ ثماني سنوات وكشف ضعف وعجز أوروبا في التأثير على مسار الصراع.

ويقول دبلوماسيون ومسؤولون إن الهجوم، الذي بدأ بعد أن سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوات بلاده من طريقه، يثير تساؤلات أساسية عن مصير علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي كما يضيف توترا إضافيا على العلاقات عبر الأطلسي بما يشمل الثقة بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.

كما يُعقد الهجوم من فرص نجاح احتمالات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي ويهدد بانهيار اتفاق لكبح تدفق المهاجرين بين تركيا والتكتل أدى لخفض حاد في أعداد اللاجئين الوافدين لدول الاتحاد لكنه يتعرض لضغوط متواصلة بسبب محاولة لاجئين جدد الوصول للأراضي الأوروبية.

وقال دبلوماسي أوروبي كبير ”هذه وصفة لكارثة… بالنسبة للأتراك أو الأكراد أو لنا… هذا التدخل التركي تشتيت كامل سيتسبب في فتح صندوق باندورا“ في إشارة لتعقيد المشكلات القائمة.

وقالت أنقرة إنها تعتزم إقامة ”منطقة آمنة“ لإعادة ملايين اللاجئين الذين تستضيفهم لبلادهم وهو ما تريد أن تدفع أوروبا تكلفته وهي خطة قال دبلوماسيون أوروبيون إنها غير واقعية.

ورفضت حكومات كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تلك الخطط يوم الأربعاء وقالت إنها لن تقدم مساعدات.

وعبر رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن ذلك صراحة وقال ”لا تتوقعوا أن يدفع الاتحاد الأوروبي لأي من ذلك“.

* ترتيب البيت الأوروبي
لم يتضح ما الذي يمكن لأوروبا أن تفعله للضغط على أنقرة. يعتمد التكتل على تركيا في كبح تدفق اللاجئين لدوله بعد اتفاق في 2016 لإغلاق طريق للهجرة غير المشروعة عبر بحر إيجة عقب وصول أكثر من مليون لاجئ لدول الاتحاد الأوروبي.

وعادت أعداد من يصلون إلى أوروبا للزيادة بالتزامن مع تهديد تركي ”بفتح الأبواب“ للسماح لمن هم على أراضيها بالفعل بالتوجه لأوروبا إذا لم تتلق دعما لخططها. وتستضيف تركيا نحو 3.6 مليون لاجئ سوري.

وقال دبلوماسي أوروبي عن اتفاق كبح الهجرة المبرم في 2016 ”نحتاج لترتيب بيتنا من الداخل. لم يتم التوصل لحل جماعي لمشكلة اللاجئين ولذلك نجد أنفسنا معرضون لمثل هذا الابتزاز“.

وأشار دبلوماسيون إلى أن اجتماعا مغلقا عقد يوم الثلاثاء وأبدى فيه مبعوثو حلف شمال الأطلسي القلق من خطط تركيا وسعوا للضغط على أردوغان لعدم المضي قدما في أي عملية عسكرية.

لكن سادت قناعة أيضا بأنه ليس هناك ما يمكن فعله لوقف تركيا لأن الحلف ليس نشطا في سوريا ولا يوجد طلب لدور له هناك.

* عودة محتملة للدولة الإسلامية
مصير حلفاء أوروبا الأكراد يشكل أيضا ملفا ملحا إضافة لاحتمال عودة تنظيم الدولة الإسلامية للظهور وهي مسألة حساسة بالنسبة لدول الاتحاد بعد وقوع العديد من الهجمات الدموية على أراضيها.

وتعمل قوات خاصة فرنسية وبريطانية مع أكراد في المنطقة ويدعم جيشا الدولتين القوات الكردية من خلال طلعات جوية وتدريب إذ كان الأكراد، حتى بدء الهجوم التركي، يواصلون عمليات ملاحقة خلايا الدولة الإسلامية الباقية.

وتسبب قرار ترامب سحب القوات الأمريكية في إضعاف موقف بريطانيا وفرنسا بشكل خاص على الرغم من أنه لم يكن قرارا مفاجئا.

واعترف مسؤولون فرنسيون وبريطانيون بأن انسحابا أمريكيا كاملا لن يترك لديهم خيارا سوى الانسحاب أيضا.

وقال جيرار أرو السفير الفرنسي السابق في واشنطن على تويتر ”خيانة الأكراد ستكون أمرا مروعا أخلاقيا لكن دعونا لا نخدع أنفسنا: بوجود القوات المتحالفة في شمال سوريا أو في غيابها ليس لدى الولايات المتحدة وأوروبا أي سياسة محددة وذات مصداقية لإنهاء الحرب الأهلية السورية“.

وتتركز المخاوف الأوروبية المباشرة على عودة المسلحين المتشددين لتنظيم صفوفهم لكن هناك أيضا خطر فرار آلاف المقاتلين الأجانب الذين يحتجزهم الأكراد من السجون.

ولم يقدم رد فعل ترامب ما يهدئ مخاوف حلفائه. وسبق أن حث ترامب الدول الأوروبية المترددة على استعادة مواطنيها من بين مقاتلي الدولة الإسلامية الذين أسروا في أرض المعركة في سوريا.

وقال ترامب للصحفيين ”سيهربون إلى أوروبا… هذه هي الوجهة التي يريدون الذهاب إليها. يريدون العودة لديارهم لكن أوروبا لا تريدهم“.

ولخص وزير خارجية جمهورية التشيك توماس بيتريسيك الإحباط الأوروبي بالقول ”للأسف… في تلك المرحلة لا نملك أي خيار سوى الضغط الدبلوماسي لتهدئة الموقف“.