تعرّف على برامج التجسس الإسرائيلية

تعرّف على برامج التجسس الإسرائيلية
Spread the love

إذا استمر هذا الواقع المرير في الانتشار، فإن نيويورك ولندن وبرلين وباريس ستبدو بشكل متزايد مثل نابلس والخليل والقدس الشرقية وغزة، وسنتوصل إلى فهم ما يعنيه العيش داخل دولة مراقبة.

بقلم: جوناثون كوك – ترجمة بتصرف: د. هيثم مزاحم | تم تأسيس شركة “أن أس أو” NSO للتكنولوجيا الرقمية الإسرائيلية في عام 2010 من قبل عومري لافي وشاليف هوليو، وكلاهما من خريجي وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “8200”.

وذكر الصحافي البريطاني جوناثان كوك في تحقيق في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أنه في عام 2014، كشف بعض الجنود الوشاة أن الوحدة كانت تتجسس بشكل روتيني على الفلسطينيين، حيث تخترق هواتفهم وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم لإثبات وجود انحرافات أو علاقات جنسية أو مشاكل صحية أو صعوبات مالية يمكن استخدامها للضغط عليهم للتعاون مع السلطات العسكرية الإسرائيلية.

وكتب هؤلاء الجنود أن الفلسطينيين “تعرضوا بالكامل للتجسس والمراقبة من قبل الاستخبارات الإسرائيلية. ويتم استخدامها للاضطهاد السياسي ولإنشاء الانقسامات داخل المجتمع الفلسطيني من خلال تجنيد المتعاونين وتحريض أجزاء من المجتمع الفلسطيني ضد بعضه”.

وعلى الرغم من إصدار المسؤولين الإسرائيليين تراخيص تصدير إلى شركة “أن أس أو”، فقد نفى الوزير الإسرائيلي زئيف إيلكين “تورط الحكومة الإسرائيلية” في اختراق “واتسآب” الأسبوع الماضي. وقال للإذاعة الإسرائيلية: “الكل يدرك أن الأمر لا يتعلق بدولة إسرائيل”.

وفي نفس الأسبوع الذي بدأت فيه “واتسآب” إجراءاتها القانونية، كشفت القناة التلفزيونية الأميركية “أن بي سي” NBC أن “وادي السيليكون” حريص على التواصل مع الشركات الناشئة الإسرائيلية المتورطة بعمق في الانتهاكات المرتبطة بالاحتلال.

لقد استثمرت شركة “مايكروسوفت” Microsoft بكثافة في “أني –فيجين” AnyVision لتطوير تقنية التعرّف على الوجه المتطورة التي تساعد بالفعل الجيش الإسرائيلي في قمع الفلسطينيين.

فالاتصالات بين “أني –فيجين” وأجهزة الأمن الإسرائيلية بالكاد تكون مخفية. ويضم مجلس الشركة الاستشاري تامير باردو، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية، “الموساد”. رئيس الشركة، أمير كاين، قد شغل سابقاً منصب رئيس “مالاب”، إدارة أمن وزارة الدفاع الإسرائيلية.

وتمت تسمية برنامج “أني –فيجين” الرئيسي، “غد أفضل” Better Tomorrow، باسم “غوغل للاحتلال” (Occupation Google) لأن الشركة تدعي أنها تستطيع التعرّف على أي فلسطيني وتعقبه من خلال البحث في لقطات من شبكة كاميرات المراقبة الواسعة التابعة للجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.

وعلى الرغم من المشكلات الأخلاقية الواضحة ، يشير استثمار “مايكروسوفت” في هذه الشركة إلى أنها قد تهدف إلى دمج البرنامج في برامجها الخاصة. وقد تسبب ذلك في قلق عميق بين جماعات حقوق الإنسان.

وقد حذر شانكار نارايان من “اتحاد الحريات المدنية الأميركي” من مستقبل مألوف جداً للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي. وقال نارايان لشبكة “إن بي سي”: “الاستخدام الواسع النطاق لمراقبة الوجه يقلب فرضية الحرية على رأسها وتبدأ في أن تصبح مجتمعاً يتم فيه تتبع الجميع في كل وقت، بغض النظر ماذا يفعلون. ربما يكون التعرف على الوجوه الأداة المثالية للسيطرة الحكومية الكاملة في الأماكن العامة”.

وحسب يائيل بيردا، وهو باحث في جامعة هارفارد، تحتفظ “إسرائيل” بقائمة تضم حوالى 200000 فلسطيني في الضفة الغربية تريدها تحت المراقبة على مدار الساعة. تعتبر تقنيات مثل “أني –فيجين” AnyVision حيوية للحفاظ على هذه المجموعة الواسعة تحت المراقبة المستمرة.

وقال موظف سابق في “أني –فيجين” لـNBC “إن الفلسطينيين عوملوا كأرض اختبار. لقد تم اختبار هذه التقنية ميدانياً في واحدة من أكثر البيئات الأمنية تطلباً في العالم، وقد بدأنا نشرها الآن في بقية الأسواق”.

وتم جذب شركات الإنترنت الإسرائيلية بشكل أعمق إلى الجهود المبذولة للتلاعب بالرأي العام الدولي حول “إسرائيل”، بما في ذلك على ما يبدو عن طريق التدخل في الانتخابات الخارجية.

مثالان سيئا السمعة لهذه الشركات تصدرت عناوين الصحف لفترة وجيزة. فقد تم إغلاق شركة “بي أس واي غروب” Psy-Group، التي تسوّق نفسها على أنها “موساد خاص للتأجير”، العام الماضي بعد أن بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016. يهدف “مشروع الفراشة” الذي تنفذه الشركة، وفقاً لصحيفة “ذا نيويوركر”، إلى “زعزعة واستقرار الحركات المعادية لإسرائيل من الداخل”.

وفي الوقت نفسه، تم الكشف عن شركة “بلاك كيوب” Black Cube في العام الماضي لقيامها بمراقبة لأعضاء بارزين في الإدارة الأميركية السابقة، تحت قيادة باراك أوباما. يبدو مرتبطاً بشكل وثيق بأجهزة الأمن الإسرائيلية، وكان مقر الشركة لفترة يقع في قاعدة عسكرية إسرائيلية.

وهناك شركات إسرائيلية أخرى تسعى إلى طمس التمييز بين المساحتين الخاصة والعامة. وتم الكشف عن شركة “أونافا” Onavo، وهي شركة إسرائيلية لجمع البيانات أنشأها اثنان من قدامى المحاربين في وحدة “8200” الإسرائيلية، بواسطة “فيسبوك” في عام 2013. وقد حظرت شرطة “آبل” Apple تطبيق “في بي آن” VPN الخاص بها في العام الماضي بسبب الكشف عن أنها توفر وصولاً غير محدود لبيانات المستخدمين.

وقد عقد وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، جلعاد إردان، الذي يرأس حملة سرية لشيطنة نشطاء “حركة المقاطعة” BDS في الخارج، اجتماعات منتظمة مع شركة أخرى، هي “كونسرت” Concert، العام الماضي، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية. تلقت هذه المجموعة السرية، المستثناة من قوانين حرية المعلومات في “إسرائيل”، تمويلاً بقيمة نحو 36 مليون دولار من الحكومة الإسرائيلية. كما أن مديريها ومساهميها هم من المعروفين من النخبة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية.

وتمت تسمية شركة إسرائيلية رائدة أخرى، وهي كانديرو Candiru تبيع أدوات القرصنة الخاصة بها في معظمها إلى الحكومات الغربية ، على الرغم من أن عملياتها محاطة بالسرية.

ويتم تعيين موظفيها بشكل حصري تقريبًا من الوحدة 8200. وفي إشارة إلى مدى الارتباط الوثيق بين التقنيات العامة والسرية التي طورتها الشركات الإسرائيلية ، فإن الرئيس التنفيذي لشركة كانديرو Candiru، إيتان أتشلو، كان يرأس شركة “غيت” Gett سابقاً، تطبيق خدمة سيارات الأجرة.

تستغل النخبة الأمنية في “إسرائيل” في هذا السوق الجديد الحرب الإلكترونية، تماماً كما فعلت مع تجارة الأسلحة التقليدية، السكان الفلسطينيين الجاهزين والأسرى تحت الاحتلال، لاختبار تكنولوجيتها عليهم.

برنامج التعرف على الوجه يسمح لتنميط عنصري وسياسي أكثر تطوراً، وجمع البيانات السرية والمراقبة يحطم الحدود التقليدية بين الفضاء الخاص والفضاء العام. كما أن حملات توثيق المعلومات الرقمية الناتجة تجعل من السهل تخويف وتهديد وتقويض من يعارضون، أو مثل مجتمع حقوق الإنسان الذين يحاولون محاسبة الأقوياء.

إذا استمر هذا الواقع البائس، فإن نيويورك ولندن وبرلين وباريس ستبدو بشكل متزايد مثل نابلس والخليل والقدس الشرقية وغزة. وسنتوصل إلى فهم ما يعنيه العيش داخل دولة مراقبة تشارك في الحرب السيبرانية ضد أولئك الذين تحكمهم.

المصدر: ميدل إيست آي – عن الميادين نت