هآرتس: أيمن عودة – على رأس معسكر اليسار

هآرتس: أيمن عودة – على رأس معسكر اليسار
Spread the love

إيريس لعال – روائية وناشطة يسارية/

في يوم الأربعاء اعتذر أيمن عودة من كل الذين يتابعونه عن التوقف عن ممارسة السياسة في يوم عاصف كهذا، يوم تقديم اللوائح [إلى انتخابات الكنيست]، وأوضح أن لديه أمراً أكثر أهمية من كل صفقات اللحظة الأخيرة، أمر كان لزاماً عليه أن يوقف كل شيء من أجله: “الشاعرة ليئه غولدبرغ، توفيت في مثل هذا اليوم قبل 50 عاماً”، وغرّد: “كلماتها لا تزال تؤثر اليوم بصورة لا تقل عن الأيام التي كتبت فيها”، واستشهد بأبيات من قصيدة معروفة لها: “إلى من لا يؤمن/ من الصعب العيش هذه السنة/ الحقول تطلب البركة/ البحر يطلب الإيمان/ وأنت لا تطلب شيئاً”.
طبعاً هذا ليس توقفاً عن ممارسة السياسة، بل على العكس، لقد كانت هذه التغريدة إحدى أكثر تغريدات عودة سياسةً – خطوة غزل رقيقة موجهة إلى ناخبي اليسار عموماً وميرتس خصوصاً. وإذا حكمنا على آلاف الذين أعربوا عن إعجابهم بهذه التغريدة، ونحو 200 مشاركة، وهذا ما يحلم به أي زعيم يساري، يكون عودة قد حقق نجاحاً كبيراً.
يدرك عودة أهمية اللحظة، ويتمركز في رأس المعسكر بثقة، وما لا يقل أهمية عن ذلك أنه يحاذر طوال الوقت من فقدان الصلة بناخبيه أو إغضابهم. لهذا السبب لم يكن هناك أي خيار حقيقي لتوحّد بين القائمة المشتركة وحركة ميرتس، سيناريو يدوسه كثيرون في اليسار اليهودي، كأن الأمر يعود إلى الإرادة الحسنة لنيتسان هوروفيتس وتمار زندبرغ [زعيم الحركة حالياً وزعيمتها السابقة].
يعلم عودة جيداً أن أي تقدم نحو رؤيته التي تتضمن اندماجاً كاملاً للمواطنين العرب في المجتمع الإسرائيلي، يجب أن تحدث بقرار من ناخبي القائمة المشتركة من العرب. قبل عامين فقط، بدا أن لدى ميرتس إمكان أن تحقق التغيير المطلوب، وأن تصبح حزباً يهودياً – عربياً، أمّا الآن فمن الواضح أن عودة هو الذي سيحدث الانفجار الكبير في اليسار.”برنامج القائمة المشتركة هو برنامج اليسار الحقيقي في الدولة. ليس فقط من ناحية الحجم – لا حزب العمل مع ستة مقاعد ولا ميرتس – بل من ناحية البرنامج، “قال عودة في مقابلة مع رافيت هيكت (“هآرتس”، 10/1/2020)، وأضاف: “في المستقبل القريب يجب المحافظة على القائمة المشتركة، ومن ناحية ثانية، بناء حركة شعبية يهودية – عربية”.
حالياً، اتحدت ميرتس مع حزب العمل، وليس هناك خطر حقيقي عليهما، يريد عودة قضم القليل من قاعدتهما الانتخابية، القليل فقط، للوصول إلى 15 مقعداً وتحقيق رؤيته التي تتمثل في جعل القائمة المشتركة يساراً حقيقياً على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. وهو يفعل ذلك كما فعل زعماء اليسار على مر الأجيال، بالكلمة الصحيحة، والاقتباس الصحيح، وفي اللحظة الأخيرة.
لكن عودة لا يحب فقط الاقتباس من ليئه غولدبرغ، بل أيضاً يحب الاقتباس من محمود درويش الذي يروي كيف كان يشاهد المهاجرين القادمين إلى مرفأ حيفا يخلعون أحذيتهم كي يشعروا بالأرض المقدسة تحت أقدامهم – بينما هو، في المقابل، ليس بحاجة إلى أن يخلع حذاءه، لأن ارتباطه بالأرض ليس موضع شك.
عندما يسترجع عودة كلمات الشاعر الفلسطيني الكبير، فإنه يقصد الحديث عن هويته التي لا شك فيها. وهذا بالتحديد الأمر الذي فقده اليسار الصهيوني. لذا، فإن أيمن عودة هو الذي سيرأس المعسكر بعد بضع سنوات، وهذا سيكون أمراً جيداً. جيداً جداً.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية