الحركة الشيوعية في زنجبار بدايات الصين في أفريقيا

الحركة الشيوعية في زنجبار بدايات الصين في أفريقيا
Spread the love

د.صالح محروس محمد/

بدأت الحركة الشيوعية في زنجبار(التابعة لتنزانيا اليوم في شرق أفريقيا ) منذ عام 1959م منذ أن بثت الصين إذاعتها باللغة السواحيلية لسكان زنجبار وشرق أفريقيا ثم تبعها الاتحاد السوفيتي ببث إذاعه أيضاً باللغة السواحيلية وذلك لنشر الفكر الشيوعي .وكانت زنجبار في السنوات الأخيرة من الحماية البريطانية لها(1890- 1964 م ) هدفاً للنفوذ الشيوعي الصيني في شرق أفريقيا وأُعلن ذلك بشكل يومي في بكين وانتقل العديد من الطلاب الصينيين لزنجبار وكان عبد الرحمن بابو مؤسس حزب الأمة الزنجباري Umma Party يزور الصين في مناسبات عديدة . فتأثر إلى حد كبير بالسياسات المعتمدة على المبادئ الاشتراكية . وأكدت بريطانيا علمها بذلك واعتبرت أن المسألة الشيوعية هي الأخطر في زنجبار وأن اثنين هما قطبا الشيوعية عبد الرحمن بابو وقاسم هانجا . وكان ذلك بمثابة ناقوس خطر لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي خافت أن تصبح زنجبار كوبا لأفريقيا أي تتنتشر من خلالها الشيوعية إلى أفريقيا .

وارتبطت الحركة الشيوعية في زنجبار بتنجانيقا حيث أن حيث زيادة النفوذ الصيني فسفارة الصين فُتحت في دار السلام في يناير عام 1962 مع مسئوليتها عن الأعمال الخارجية وكان عدد هيئتها أربعة أشخاص ثم وصلت إلى ثلاثين وكذلك كانت توجد قنصلية عامة في زنجبار وأعلن السفير يو ينج Yo Ying المسئول عن الأحوال الإفريقية أن تنجانيقا والصين بينهما صداقة عسكرية وكان لزوجة السفير دور في الدعاية للشيوعية بين النساء . كان يوجد على الأقل مائة مقيم صيني في دار السلام. وزار نيريرى ( رئيس تنجانيقا بعد الاستقلال )الصين في زيارة استغرقت تسعة أيام أما محمد بابو الذي ظل لعدة سنوات مراسل وكالة أخبار الصين الجديدة The New China News Agency (N.C.N.A)، فكان له دور في إدارة المال الصيني وتوزيع الأدب الصيني عبر مكتبة الأمة المعروفة بمكتبة الثورة. ومع تأسيس الاتحاد بين تنجانيقا وزنجبار في أبريل عام 1964 ظلت القنصلية الصينية في زنجبار وكان الصينيون يرتبطون مباشرةً مع الحكومة الزنجبارية وأصبحت الأغلبية الشيوعية للاتحاد الجمهوري مما جعل تنزانيا الأولى في أفريقيا في الحصول على منح صينية قدرها عشر مليون جنيه استرلينى لتنجانيقا وخمسة ملايين لزنجبار ، واحد مليون نقداً والباقي قروضاُ للاستثمار مرتبطة بالنواحي الفنية وقامت الصين أيضا بعقد اتفاقيات عسكرية أولاً مع زنجبار وبعد ذلك مع تنزانيا فكانت من الدول الأولى في أفريقيـا التى أقامت علاقات قوية اقتصادية وعسكرية وثقافية مع الصين . فسعي الإتحاد السوفيتى والصين لنشر الشيوعية في زنجبار وكان عبدالرحمن بابو مؤسس حزب الأمة قطب الشيوعية في زنجبار وكان من نتائج المد الشيوعي في زنجبار أن اشترك حزب الأمة في أحداث 1964م التى أطاحت بالحكم العربي في زنجبار .

وفي عام 1960 م تقريبا عملت دول الكتلة الشيوعية والصين بشدة على نشر الأيدلوجية الشيوعية من خلال مختلف المواد المتخصصة لذلك . فكانت المكتبات تبيع وتوزع بالمجان وبشكل علنى كثيرا من الكتب والنشرات والمطويات الصادرة عن الاتحاد السوفيتى أو الصين تحمل رسالة الشيوعية . وفي شهر فبراير 1960 م تم تدشين أول إذاعة في موسكو موجهة باللغة السواحلية إلى زنجبار وشرق أفريقيا وبعد مضي سنة ونصف أى في حدود شهر أغسطس عام 1961م فعلت بكين الشئ ذاته قبل الإتحاد السوفيتي حيث وجهت إذاعة باللغة الانجليزية في سبتمبر 1959م إلى كل من زنجبار ومورشيوس وجنوب أفريقيا . وفي الفترة من (1960- 1963) نجحت الكتلة الشيوعية وبشكل حاد في توسيع دائرة إتصالاتها وعملت خلال هذه الفترة على تقديم كم هائل من المنح الدراسية القصيرة والتدريبات العسكرية وفلسفة الثورة وفنونها في كل من كوريا والصين وكان ممن تلقى تدريب على حرب العصابات اليسارى الدعو موسى ميسارا وقدرات المساعدات الشيوعية خلال هذه الفترة بحوالى مائة ألف دولار سنوياً.

بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي كقوتين عالميتين . وبدأ ما عرفت بالحرب الباردة التى هي حالة العداء التي نشأت في العلاقات بين الكتلتين الشرقية والغربية وقد أطلق على تلك الحالة صفة الحرب لأنها باستخدام كل طرف كافة أدوات الحرب العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية ضد الطرف الآخر ووصف الحرب بأنها باردة يشير إلى أنها لم تتصاعد إلى حد المواجهة المسلحة المباشرة على غرار ما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية .

ففي عام 1960 حققت الشيوعية نجاحاً في الجزائر وكوبا وشمال فيتنام . فكان أول اتصال من الكتلة الشيوعية بزنجبار بدأ في انجلترا حيث حوالى مائتي زنجباري يتلقون دورات تدربية تعليمية متنوعة كل عام . أخذ السوفيت منذ أواسط الخمسينات من القرن المنصرم يتقربون نحو هؤلاء الطلبة عن طريق الحزب الشيوعى لبريطانيا العظمى تمكن الحزب الشيوعى السوفيتى عن طريق التنسيق مع نظيره البريطانى من استمالة بعض الردكاليين من الطلبة الزنجباريين دخلت الصين في هذا الفلك في أواخر الخمسنيات وذلك من خلال تقديم المساعدات المالية لأولئك الحزبان الشيوعيان الذين نجحا في استمالتهم وكان أشهرهم عبدالرحمن بابو.

بداية النشاط الصيني العسكري قد ظهر على شكل مساعدات عسكرية تقليدية ( جيش التحرير الشعبي ) في زنجبار كان يتلقي التدريب عن طريق مدربين من الاتحاد السوفيتى في البداية ومن مايو 1963م بالاعتماد على الخبراء الصينيين بتدريب جزء من جيش التحرير الشعبي peoples liberation army وأشرف عليه أحد عشر خبيرا صينيا ( )فكان لها معسكرات تدريب في زنجبار في مدينة متونى mtoni في الشمال الغربى على ساحل المحيط الهندى بالقرب من العاصمة ستون تاون stone townwn ومعسكر تدريب تشوكوانى chukwani حيث التدريب عن طريق الخبراء السوفيت وتم وصول أول شحنة اسلحة إلى معسكر متونى في سبتمبر 1963 تضمنت قنابل وقاذفات المدافع مع وجود مستشاريين صينيين عسكريين عددهم تسعة بدافع دعم جيش التحرير الشعبي الزنجباري.