مغامرات الشجعان في بلاد الإسبان – المغامرة الأولى

مغامرات الشجعان في بلاد الإسبان – المغامرة الأولى
Spread the love

بقلم: كريم عبد الناصر |

إهداء الى صديقي أحمد صلاح المهدي – شكرا لك على إدخالي إلى عالمك الممتع –

كان اليوم ضبابيًا تكسوه الغيوم والرياح شديدة، وفى وسط البحر الهائج كانت السفينة تصارع من أجل الصمود.
“قبطان ماذا علينا فعله الآن؟” قالها أحد أفراد الطاقم يدعى خالد، وهو شاب في منتصف عقده الثاني، وهو مسير السفينة.
قال القبطان: “علينا تفادى الأمواج من أجل البقاء على قيد الحياة”.
قبطان أحمد هو قائد يتمتع بشخصية قوية وروح قيادية وكان محبوباً من طاقم السفينة.
قطع نقاش أحمد وخالد منظر عجيب لم يروه من قبل؛ إذا بمخلوق عجيب يخرج من بين الأمواج ووقف الجميع في ذهول من هذا المشهد الغريب الذي لم تألفه أعينهم. ساد صمت غريب على طاقم السفينة وقطع صمتهم صوت أجش يخرج من هذا المخلوق الغريب: “ما الذي جاء بكم إلى هذه المنطقة؟”.
أجابه القبطان أحمد بحزم: “نقصد تلك الجزيرة التي تبعد أميالاً من هنا”.
رد عليه الوحش في صوته الأجش الذي أعتاد عليه القبطان رداً مستنكراً: “ألم تعلم أن هذه المياه ملكي ومن يريد العبور إلى الجزيرة عليه دفع ثمن هذا العبور؟”.
أجابه أحمد: “وما هو الثمن؟”.
قال الوحش في صوته المعتاد: “ثمن عبورك هو أحد رجالك”، قالها الوحش وهو في ارتياح شديد، أما الكلمة فقد وقعت مثل الصاعقة على طاقم السفينة؛ ولمَ لا فأحدهم على وشك أن يلقى مصيره ويغادر الدنيا.
أصاب الصمت طاقم السفينة للحظات ولكن الموج والجو في الخارج ينذر بقدوم عاصفة، ثم جاء من بعيد صوت لأحد افراد الطاقم وهو يدعى علم الدين كان في ربيع عمره وهو أقدم الطاقم: “ماذا تقول ايها المعتوه؟ لن تأكل أحدًا منا وافعل ما شئت فنحن لا نخشاك”.
نظر إليه الوحش بنظرة استنكار لما قاله علم الدين ثم قال: “كما تشاء، فقط عليكم عبور فخاخي قبل مغيب الشمس وإلا فسوف تكونون جميعكم وجبتي اليوم”.
رد عليه علم الدين والثقة في عينيه: “ومن يكترث لفخاخك”.
سمعها الوحش فقال بصوته الأجش بنبرة تحدى: “سنرى”.
ثم ساد صمت ملحوظ على أعضاء الطاقم وبدأ التفكير يسيطر عليهم ماذا ستفعل! سنواجه فخاخ الوحش أم العاصفة القادمة!! أم ستكون نهايتنا؟
بدأ الياس يتملك أعضاء الطاقم حتى قطع هذا الصمت القبطان أحمد في نبرة حادة جداً لم يعتدها أفراد الطاقم: “كل منكم في موضعه. ما علينا فعله هو المواجهة”.
بدأ أفراد الطاقم في أخذ أماكنهم من جديد والاستعداد لمواجهة العاصفة، ثم جاء صوت من بعيد إنه صوت علم الدين وهو في أحد أركان السفينة العملاقة وبدأ أنه يحمل بعض الأسلحة البدائية التي تعمل بالبارود ونادى: “أيها القبطان علينا أن نضع خطة إذا ما أردنا الوصول إلى قبلتنا”.
أجابه القبطان أحمد: ماذا علينا فعله يا علم الدين؟”.
بدأ علم الدين يشرح له الخطة والرجال من حولهم يشكلون دائرة كان مركزها علم الدين والقبطان أحمد وبعد أن انتهى علم الدين من شرح الخطة التي وضعها تعاهدوا جميعا على الصمود والوصول إلى مبتغاهم.
“هل تذكر عندما تجمعنا هناك على شاطئ الإسكندرية؟”، قالها حسين وهو بحار في عامه الأربعين.
أجابه عليّ وهو بحار في نفس سنه تقريباً: “نعم أتذكر عندما جمعنا القبطان أحمد وأخبرنا عن هذه الجزيرة التي دفن فيها كنوز البحارة الإسبان، ولكنه لم يخبرنا بأمر هذا الوحش”.
أجابه حسين: “على أي حال علينا مواجهة الوحش والعاصفة ومن ثم نفكر في أمر هذا الكنز”.
قطع حديثهم أحد البحارة وهو يصرخ بصوت عال أن الجزيرة لاحت في الأفق. نظر القبطان أحمد إلى علم الدين بنظرة تعجب: “هل تفكر فيما أفكر فيه؟”.
فأجابه علم الدين: “نعم نفس التفكير”، فالجزيرة تبعد أميالاً من موضعهم على حسب الخرائط.
جاء رد القبطان أحمد في صوت عالٍ: “أديروا الدفة وابتعدوا قدر المستطاع عن هذه الجزيرة وبالفعل ابتعد البحارة عن الجزيرة التي كانت سراباً إذ يحسبه الظمآن ماء.
أكملت السفينة طريقها نحو مبتغاها، وأي مبتغى الذي جاء بالبحارة إلى هنا؛ إذ تحكى الأسطورة أن بعض القراصنة الأسبان جمعوا كنوزهم الي تقدر بأطنان من الذهب في هذه الجزيرة البعيدة التي لا تطأها رجل انسان، ولعل أحد البحارة يسأل من أين لنا بالخريطة؟ ولكن الإجابة هي أن القبطان أحمد وجدها على شاطئ الإسكندرية في صغره.
تعالت الأصوات بالفرح، لقد تخطينا الوحش يا له من أحمق! ولكن علم الدين قطع هذه البسمة المرتسمة على وجوه البحارة: “بل أظنها البداية فقط”.
لم يكمل علم الدين حديثه، إذ لاح في الأفق القريب موجة كالجبال في حجمها، ومن أثر هذا الموقف قرر أحد الراجل أن يلقي بنفسه في البحر خوفا من الهلاك، وبعد أن ألقى بنفسه مرت الموجة مرور الكرام على السفينة، وهنا صاح علم الدين: “عرفتها! عرفتها!”.
أجابه القبطان أحمد في حماس: “ما هي؟”.
رد علم الدين والفرح يملأه: “عرفت حل هذا اللغز يا قبطان، الحل في قلبنا، نعم إذا ما اقتنعنا بفخاخ هذا الوحش فسنقفز جميعاً إلى الماء، وكما قال هذا الوحش سنكون جميعاً وجبته بلا شك”.
وما أن أنهى علم الدين كلامه إذا بحوت كبير يكبر السفينة عشرات المرات، فصاح القبطان أحمد في الجميع: “عليكم الثبات”، ومر الحوت كأنه لم يكن شيء، ففرح جميع الطاقم وقاموا بحمل علم الدين فوق جباههم وهم فرحون، وبعد وقت قليل لاحت الجزيرة في الأفق وبدأ الرجال يتممون بكلمات الفرح، فهل يا ترى سيجدون الكنز؟ أم سيرجعون خالي الوفاض؟