“بوليتيكو”: صحة ترامب أهم هدف للتجسس في العالم

“بوليتيكو”: صحة ترامب أهم هدف للتجسس في العالم
Spread the love

اعتبر تقرير لموقع “بوليتيكو” الأميركي إن أطباء الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يكشفوا متى كانت آخر مرة جاءت فيها نتيجة اختبار فيروس كورونا سلبية. كما لن يكشفوا عن تفاصيل حول كيفية عمل رئتيه، ولماذا وُصفت له بعلاجات متقدمة مخصصة لحالات “كوفيد -19” الشديدة، أو مدى ارتفاع درجة الحرارة لديه أو مدى انخفاض مستويات الأوكسجين لديه.

وبينما يتجاهل البيت الأبيض الأسئلة حول مدى خطورة مرض الرئيس بالفيروس القاتل بالفعل، يستعد أعداء أميركا لملء فراغ المعلومات، ويحذر مسؤولو الأمن القومي الأميركيون السابقون والحاليون من كشف هذه المعلومات. وينشأ خوفهم من أن الخصوم الأجانب يعملون لوقت إضافي لتكوين نظرة ثاقبة على الحالة الحقيقية لصحة ترامب وربما يستخدمونها كوسيلة ضغط لإثارة الأذى وزرع الشك حول استقرار الحكومة الأميركية.

فعلى سبيل المثال، باستخدام صور مزيفة أو صوت شاحب أو أجش، كي يجعلوا ترامب يبدو أكثر مرضاً مما هو عليه، ويظهر أميركا على أنها غير قادرة على التعامل مع الوباء.

وقال مسؤولون سابقون وحاليون إن وكالات الاستخبارات الأجنبية تستثمر بكثافة في القدرة على جمع معلومات طبية حساسة عن قادة العالم، في محاولة لوضع المصادر حيث سيكون لها وصول مباشر أو غير مباشر إلى هذه المناقشات.

وقال ستيف هول، الرئيس السابق لمحطة وكالة الاستخبارات المركزية في موسكو: “أي خدمة استخبارات أجنبية تستحق المال، سترغب في امتلاك أصول على الأرض (جواسيس ومصادر) يمكنها الإبلاغ عن صحة رئيس الولايات المتحدة الأميركية. إنه مطلب رئيسي يصل إلى ما نسميه عادة خطط ونوايا حكومة أجنبية”.

وقال مارك بوليمروبولوس، وهو ضابط استخبارات كبير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والذي تقاعد في عام 2019، إنه سيكون الأمر جزءاًمن “مهمة روتينية” من قبل أجهزة الاستخبارات الأجنبية لجمع المعلومات أثناء مثل هذه الأزمة. وأوضح أنه بصفته ضابط استخبارات نفسه، فإن مثل هذه المهمة كانت الولايات المتحدة تقوم بها كذلك بشكل طبيعي في كل بلد خدم فيه.

وقال: “كان من الممكن في كثير من الأحيان جمع معلومات عن صحة قيادة خصومنا، حيث إن أهداف التجنيد لم تكن جهاز الاستخبارات في الدولة الأخرى أو حتى الموظفين الحكوميين، بل كانت المستشفيات أو الموظفين الإداريين – وهي أهداف لن يكون لها هوائي مكافحة التجسس”.

وبينما أعرب هول عن شكوكه في أن خصوماً مثل روسيا والصين يمكن أن يكون لديهم جواسيس داخل مركز “والتر ريد” الطبي، حيث كان الرئيس ترامب يتلقى العلاج خلال عطلة نهاية الأسبوع وحتى يوم الاثنين، جادل هول بأنه من المرجح أن يستخدموا مصادر معروفة في البيت الأبيض. وأعلن ترامب يوم الاثنين أنه سيعود إلى البيت الأبيض في الساعة 6:30 مساء، بعد أيام فقط من وصوله إلى المستشفى.

التقارير الصحافية تشير إلى أن ترامب كان على اتصال هاتفي مع قادة أجانب. وقال هول: “إذا كانت إحدى تلك المكالمات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكنت رئيس استخبارات بوتين، فسيكون لدي طبيب روسي موجوداً للاستماع إليه لمعرفة إذا كان ترامب يعاني من ضيق في التنفس أم لا وإن بدا مرتبكاً أم لا؟”.

وقال ميك مولروي، المحلل في شبكة ABC News والضابط المتقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والذي عمل كنائب لمساعد وزير الدفاع في البنتاغون حتى العام الماضي، إن هذه المعلومات يمكن بسهولة استغلالها من قبل الخصوم الأجانب، وخاصة في بيئة ينتشر فيها الارتباك بشأن صحة الرئيس بالفعل.

وقال مولروي إن المعلومات المضللة التي قدمها الفريق الطبي في البيت الأبيض “تخلق أزمة ثقة في سلسلة القيادة”. وأشار إلى أنه يمكن بسهولة استغلال ذلك من قبل خصم أجنبي مثل الصين أو روسيا أو إيران، وإطلاق حملات تضليل “مصممة لتقليل ثقة الأميركيين في حكومتنا وعملية الانتخابات”.

ودعا مولروي وزير الدفاع مارك إسبر، الذي عاد لتوه من أسبوع في الخارج، وقادة الأمن القومي الآخرين للتواجد في واشنطن العاصمة، “لضمان استمرارية الحكومة وإرسال رسالة إلى أي خصم قد يرغب في استغلال الوضع”.

ويواصل مسؤولو الإدارة الأميركية الإصرار على أن الوضع تحت السيطرة وأنهم ليسوا قلقين على نحو غير ملائم من احتمال استغلال الخصوم الأجانب للأزمة.

وقال روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي الأميركي لشبكة سي بي إس يوم الأحد “يدرك خصومنا أن سيطرة حكومة الولايات المتحدة ثابتة وأننا نحمي الشعب الأميركي”.

ومع ذلك، فإن القلق بشأن استغلال الخصوم هو أحد أسباب الإفصاح عن المعلومات الطبية لقادة الولايات المتحدة التي يتم التعامل معها بحذر شديد. فمعظم الرؤساء، على سبيل المثال، يطلبون من أطبائهم كتابة رسائل مفصلة حول العناصر الحيوية، وأي أدوية، والأمراض السابقة أو الحالية.

لكن على الرغم من أن ترامب كان أكبر شخص تم انتخابه لولاية أولى في عام 2016، فقد رفض الكشف عن سجلاته الطبية الكاملة. بدلاً من ذلك، أصدر طبيبه السابق بياناً متوهجاً في كانون الأول / ديسمبر 2015 قال فيه: “إذا تم انتخاب السيد ترامب، يمكنني القول بشكل لا لبس فيه، سيكون الشخص الأكثر صحة الذي تم انتخابه للرئاسة على الإطلاق”. وفي وقت لاحق، كشف الطبيب أن ترامب قد أملى الرسالة بنفسه.

كما يبدو، فإن تعامل البيت الأبيض مع تشخيص الرئيس لـمرض كورونا قد زاد من الشعور بالارتباك والفوضى في المستويات العليا من الحكومة الأميركية في الأيام الأخيرة. وأقر المسؤولون يوم الأحد بأن ترامب قد شهد انخفاضاً في مستويات تشبع الأوكسجين لديه منذ اختباره الإيجابي، بينما أصروا أيضاً على أنه يمكن تصريفه في وقت مبكر يوم الاثنين. في وقت لاحق، ظهر الرئيس نفسه بشكل مفاجئ على الملأ، متخفياً ويلوح لحشود من المؤيدين من داخل سيارة الليموزين الرئاسية قبل العودة إلى مركز “والتر ريد” الطبي.

وفي غضون ذلك، أصبحت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كايلي مكينامي هي الأحدث في سلسلة من الموظفين وكبار المسؤولين الجمهوريين الذين وقعوا ضحية الإصابة بمرض كورونا، وأعلنت يوم الاثنين أنها أثبتت إصابتها بالفيروس.

لكن الإدارة استمرت في التقليل من شأن مرض الرئيس، وتجادل بأنه لا جهاز الأمن القومي ولا العالم بحاجة إلى معرفة الحالة الطبية الدقيقة لترامب.

وقال إليوت: “لا أعتقد أننا بحاجة إلى معالجة الموقف الطبي بالضبط لأننا لسنا أطباء، ولكن من الواضح أن الرئيس يؤدي وظيفته، وأنه ليس عاجزاً، وآلية الحكومة بأكملها تتبعه”.

وأشار أبرامز، الممثل الخاص لوزارة الخارجية بشأن إيران، على شبكة “سي إن إن”، إلى أن الخصوم سيكونون “غير حكيمين” إذا قرروا استغلال الوضع.

وقال هول إنه نظراً لتعتيم البيت الأبيض على تشخيص الرئيس لفيروس كورونا، فلن يكون من غير المعقول أن نقترح “أن الحكومات الأجنبية مثل روسيا والصين التي لديها برامج جمع معلومات نشطة وفعالة سيكون لديها معلومات أفضل” عن حالة ترامب الطبية أكثر من الجمهور الأميركي.

ومن المرجح أن تكون لدى متاجر الاستخبارات الأجنبية مصادر لديها إمكانية الوصول إلى ما يسمعه المطلعون في البيت الأبيض حول كيفية علاج الرئيس، ومعلومات حول ما إذا كان الموظفون يتعاملون مع أمن الاتصالات أكثر من المعتاد في ظل الأزمة، كما قال القائم بأعمال مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون ماكلولين.

وقال ماكلولين: “بالنظر إلى أن أجهزة الاستخبارات الأجنبية، ولا سيما المعادية منها، ليس لها أولوية أعلى من فهم الأحداث في الدائرة المقربة من الرئيس، فمن المعقول أن نفترض أن لديها مصادر في مكان ما تسعى للوصول إلى معلومات موثوقة حول تشخيص حالة ترامب. ومن الصعب القول ما إذا كان هذا سيكون بمثابة شيء أكثر شفافية مما يحصل عليه الجمهور الأميركي، لكنهم سيحاولون بالتأكيد استبعاد هذا التدهور”.

وقال مصدر في الكونغرس، إنه حتى صباح الإثنين، لم يكن مجتمع الاستخبارات قد زود لجان الاستخبارات في الكونغرس بمعلومات حول الأذى الأجنبي أو جهود التضليل المحيط بتشخيص ترامب، وحذر من أن هذا لا ينبغي أن يؤخذ على أنه يعني عدم وجود مثل هذه المعلومات الاستخبارية.

وقال بوليمروبولوس: لكن في الوقت الحالي، يمكننا أن نفترض بحق أن أجهزة الاستخبارات الأجنبية تجمع بنشاط، ومن المحتمل أن تنجح في ذلك، معلومات لاكتشاف المزيد عن الحالة الصحية للرئيس أكثر من وسائل الإعلام الأميركية والشعب الأميركي”.

ترجمة بتصرف: د. هيثم مزاحم – الميادين نت