جو بايدن أيضاً لديه أحفاد يهود: هل يزيده ذلك صهيونية؟

جو بايدن أيضاً لديه أحفاد يهود: هل يزيده ذلك صهيونية؟
Spread the love

بقلم: د.هيثم مزاحم/

عُرف دونالد ترامب بأنه معاد للسامية، ومعلوم أن قسماً كبيراً من قاعدته اليمينية معاد لليهود والأجانب. لكن ترامب استغل كون صهره جاريد كوشنر يهودياً وتحول زوجته إيفانكا لليهودية، خلال حملتيه الانتخابيتين في عام 2016 و2020، كي يسترضي الناخبين اليهود واللوبي الصهيوني و”إسرائيل” ويحصل على دعمهم.

والحقيقة أن كوشنر، مستشاره وصهره الصهيوني، وصديق عائلته بنيامين نتنياهو قد استغلا وجود ترامب في الرئاسة كي يحققا لـ”إسرائيل” ما لم يحققه لها عدد من الرؤساء السابقين الذين لا يشك أحد في علاقاتهم المميزة معها وفي دعم اللوبي الصهيوني لهم. فقد نقل ترامب السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة واعترف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، ضارباً بعرض الحائط كل القرارات الدولية والسياسات التقليدية الأميركية بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لها كونها جزءاً من الأراضي المحتلة عام 1967 وإفساحاً في المجال لحل الدولتين وقيام عاصمة لدولة فلسطين على القدس الشرقية أو جزء منها.

وعلى المنوال نفسه، اعترف ترامب بالضم الإسرائيلي للجولان السوري المحتل، وأعلن عن “صفقة القرن” التي تقضي على حلم الدولة الفلسطينية وتشرّع الضم الإسرائيلي للمستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن في الضفة الغربية إلى الكيان الإسرائيلي. وقام ترامب بمعاقبة السلطة الفلسطينية لرفضها القبول بـ”صفقة القرن” المسماة زوراً خطة سلام، بقطع المساعدات الاقتصادية عنها وقطع المساهمة الأميركية في وكالة الأونروا للاجئين الفلسطينيين، وطرد ممثليتها من واشنطن.

وعلى الرغم من إثبات ترامب لصهيونيته وتجاوزه لأسلافه في تقديم الخدمات لـ”إسرائيل”، إلا أن 77 في المئة من اليهود الأميركيين قد صوتوا لمنافسه الديمقراطي جو بايدن، وهذا ليس مفاجئاً. فغالبيى اليهود الأميركيين يصوتون تاريخياً للمرشح الديمقراطي لأسباب داخلية تهمهم كمواطنين بغض النظر عن مواقف المرشحين من “إسرائيل”، وهم واثقون كل الثقة بأن لا رئيس أميركياً سيكون معادياً لها أو لن يلتزم بضمان أمنها وتفوقها العسكري في المنطقة وبالمساعدات الأميركية السخية لها، والعلاقات المميزة بين الدولتين.

وهكذا، لا يحتاج بايدن إلى إثبات صداقته لـ”إسرائيل” وهو المعلن عن صهيونيته والمعروف بصداقته الخاصة بنتنيناهو وغيره من الساسة الإسرائيليين على مدار أكثر من أربعة عقود في خدمته في مجلس الشيوخ وكنائب للرئيس باراك أوباما. وقد أعلن بايدن قبل أيام باتصال بنتنياهو عن التزامه بأمن “إسرائيل” وتفوقها.

وكتبت صوفي فيرشبو مقالة في موقع “ألما” اليهودي قالت فيه إنه ليلة الخميس الماضي، أي بعد 567 يوماً من إعلان جو بايدن رسمياً عن حملته الرئاسية، وبعد خمسة أيام من فوزه في الانتخابات، علمت أن جميع أولاد بايدن تزوجوا من شركاء يهود.

وأضافت الكاتبة الأميركية اليهودية: “سأعترف، لقد فوجئت.. لكن ما يجعل عائلة بايدن اليهودية الممتدة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لي ليس أنها موجودة، بل لأني لست بحاجة إلى معرفة أنها موجودة لكي أعتقد أن جو بايدن يدعم الجالية اليهودية”.

وتابعت أنه على مدى السنوات الأربع الماضية، استخدم دونالد ترامب ابنته إيفانكا، وزوجها جاريد كوشنر، وأطفالهما للقول إنه صديق لليهود. ففي أي وقت اتهم فيه بمعاداة السامية، اعتبرهم هو وأتباعه بمثابة دليل على دعمه لليهود في أميركا من دون أي شيء آخر يدعمها.

مثال على ذلك: في مناظرة نائب الرئيس مايك بنس مع منافسته كامالا هاريس في تشرين الأول / أكتوبر الماضي، صرف مايك بنس المخاوف من أن الرئيس فشل في إدانة النازيين الجدد عندما قال إن “الرئيس ترامب لديه أحفاد يهود. ابنته وصهره يهوديان. هذا رئيس يحترم ويعتز بكل الشعب الأميركي”.

واعتبرت الكاتبة أن الطريقة التي تُعامل بها أقرب الناس إليك لا تمثل تمثيلاً دقيقاً لدعمك لمجتمع بأكمله، وخاصة المجتمع المهمش. فلا يهم أن دونالد ترامب يحب ابنته اليهودية أو لا يبدو أنه يمانع في أن يحضر أحفاده مدرسة يهودية يومية (أو فعلوا ذلك، حتى سحبوا أطفالهم بعد أن أثار آباء زملائهم مخاوف بشأن انتهاك الزوجين لإرشادات فيروس كورونا علانية). الحقيقة هي أنه على الرغم من إعلان نفسه “أقل شخص معاد للسامية رأيته في حياتك كلها”، فإننا نعلم أن اليهود كانوا أقل أماناً خلال رئاسة ترامب.

فقد ارتفعت الحوادث المعادية للسامية في الولايات المتحدة بين عامي 2016-2017 عندما تولى ترامب منصبه. وأبلغت “رابطة مكافحة التشهير” اليهودية عن زيادة بنسبة 12٪ في الهجمات المعادية للسامية من 2018 إلى 2019، وهي أعلى قفزة منذ أن بدأت في جمع البيانات قبل 40 عامًا. ولا عجب أن الرئيس ترامب نفسه قد انخرط باستمرار في سلوك معاد للسامية، وهو سلوك لا يعكس دعم الجالية اليهودية الأميركية.

فخلال انتخابات عام 2016، قام بتغريد صورة لهيلاري كلينتون على رأس كومة من المال بجانب نجمة داود اليهودية تقول “أكثر المرشحين فساداً على الإطلاق”. وفي عام 2017، رفض للتنديد بمسيرة للنازيين الجدد في تشارلوتسفيل مع لافتات الصليب المعقوف وتسبب في فرار أعضاء كنيس يهودي محلي.

وأشارت الكاتبة إلى أنه في خريف هذا العام فقط، أشار دونالد ترامب إلى “إسرائيل” على أنها “بلدكم” أثناء إجراء مكالمة مع القادة اليهود الأميركيين خلال الأعياد، وهي فكرة مربكة لكثير من اليهود الأميركيين مثلي ممن لا علاقة لهم بإسرائيل. أنا لم أذهب حتى في بيرثرايت، الرحلة الطلابية إلى إسرائيل”.

ووفقاً لأحد الاستطلاعات، في انتخابات عام 2020، فضل 77٪ من الناخبين اليهود بايدن. وقالت الكاتبة: هناك العديد من الأسباب التي جعلت الناخبين اليهود مثلي يصوتون لصالح بايدن من دون الحاجة إلى معرفة الكثير عن أقاربه اليهود. فقد نشأ التصويت لجو بايدن بالكامل من رؤية دعاة تفوق البيض يسيرون في تشارلوتسفيل يصيحون بنفس الشعارات اللا سامية التي سمعت في جميع أنحاء أوروبا في ثلاثينيات القرن العشرين. لقد تحدث بايدن مراراً علناً عن معاداة السامية، وهو بعيد كل البعد عن الخطاب الذي يقوله ترامب عن “الناس الطيبين على كلا الجانبين”.

يتفهم بايدن كذلك أن اليهود الأميركيين يهتمون بأكثر من مجرد “إسرائيل”. يسرد موقع بايدن الالكتروني قضايا تهمهم كالرعاية الصحية وتغير المناخ والهجرة وحقوق المرأة وحقوق المثليين والمتحولين جنسياً والعنف باستخدام السلاح، أكثر من علاقة بايدن بالمجتمع اليهودي. هذه هي القضايا التي يهتم بها اليهود الأميركيون بالفعل، وليس ما إذا كان الرئيس يمكن أن يتسامح مع يهودي في منتجعه أم لا.

وأوضحت الكاتبة أن القضية ليست أن ترامب يريد التحدث عن عائلته اليهودية، فمن الجيد أن تسمعه يتحدث عن عائلته. لكن القضية هي أنه يستخدمهم فقط للدفاع عن نفسه ضد مزاعم معاداة السامية الصحيحة تماماً. فما فعله دونالد ترامب مع إيفانكا وجاريد وأطفالهما، أفراد عائلته اليهودية، ليست تمثيلاً للعائلة اليهودية، إنها استغلال لهم.

وختمت الكاتبة بالقول: “لحسن الحظ، لا يحتاج جو بايدن إلى القيام بذلك – لقد أثبت بالفعل أنه رجل شريف. وحقيقة أن لديه أحفاد يهود هي مجرد كريما على الكعكة”.

ولعل مقالة الكاتبة الأميركية اليهودية تظهر لنا أن ثمة فرقاً كبيراً بين اليهودية والصهيونية وبخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، فليس كل يهودي صهيونياً وليس كل صهيوني يهودياً. فجزء كبير من المسيحيين الإنجيليين صهاينة فكراً وممارسة، والأيام الأخيرة تكشف لنا عن صهيونية عدد من العرب والمسلمين بدرجة أكبر من صهيونية بعض الإسرائيليين والأميركيين.

المصدر: الميادين نت