معاريف: نشاط أردوغان الزاحف خارج تركيا والآن في لبنان يجب أن يثير قلق جهات عديدة في الشرق الأوسط

معاريف: نشاط أردوغان الزاحف خارج تركيا والآن في لبنان يجب أن يثير قلق جهات عديدة في الشرق الأوسط
Spread the love

شجون عربية _

يتسحاق ليفانون – دبلوماسي إسرائيلي سابق/
لا يكف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مدّ أيادي الأخطبوط التركي إلى شتى أنحاء الكون من أجل تحقيق غايته، وهي تحوّل تركيا إلى دولة إقليمية عظمى يكون هو سلطانها حامل لقب “الباب العالي” كما كانت عليه الحال إبان حكم السلاطين العثمانيين الذين اتخذوا من إسطنبول مقراً لعروشهم.
حتى سنة 1974 كان لتركيا وجود عسكري خارج حدودها في شمال قبرص فقط، عندما انفصل القسم التركي بالقوة من سائر مناطق هذه الجزيرة. لكن منذ تولي أردوغان زمام الحكم تغيرت الصورة وبات الوجود العسكري التركي في عدة أماكن مثيراً للانتباه، وفي الوقت عينه مثيراً للقلق.
وحالياً يوجد لتركيا وجود عسكري أو مدني في كل من العراق، وسورية، وليبيا، والصومال، وأذربيجان، وأفغانستان، وألبانيا، والبوسنة، وكوسوفو. وكان لها وجود في السودان، غير أن السودانيين تراجعوا وألغوا الإذن لها بمثل هذا الوجود. ويُعد هذا انتشاراً يمكن أن تتباهى به أي دولة إمبريالية أو كولونيالية.
ويمكن القول إن آخر “رصيد” لأردوغان في هذا الشأن هو في لبنان. ووفقاً لما تقوله جانا جبور، وهي خبيرة في الشؤون التركية في جامعة القديس يوسف في بيروت، فمن أجل أن يحقق أردوغان تطلعه إلى الهيمنة الإقليمية يستخدم لبنان في إطار الدبلوماسية الإنسانية. وتقوم بأداء هذا الدور الوكالة التركية tika بالتعاون مع الصليب الأحمر التركي. وتتركز تركيا في طرابلس في شمال لبنان وفي صيدا في جنوبه. وينطلق النشاط التركي من بلدة صغيرة بالقرب من منطقة الحدود السورية يقطنها سُنّة انتموا ذات مرة إلى الإمبراطورية العثمانية، ولديهم حنين إلى دولتهم الأم. وتحظى تركيا بتأييد كبير في هذه البلدة، ويعبّر سكانها عن تأييدهم هذا في مناسبتين مهمتين لهم: يوم الاستقلال التركي، ويوم إحباط الانقلاب ضد أردوغان.
من المعروف أن السعودية قامت بتقليص تدخّلها في لبنان تعبيراً عن غضبها على سعد الحريري وتعامله المتسامح مع حزب الله. ويستغل أردوغان هذا من أجل أن يحل محلها. وهو يصعّد غزله للحريري، المكلف تأليف الحكومة اللبنانية المقبلة.
ومن المفترض أن يكمل أردوغان إقامة مستشفى بتمويل تركي في صيدا، بينما يدفع قدماً بمشاريع جماهيرية في طرابلس تحت شعار: “نفعل ذلك مجاناً باسم الأخوة”. كما يتم إرسال شبان لبنانيين للدراسة مجاناً في تركيا ويحصل عدد منهم على الجنسية التركية. وثمة طابور طويل من المواطنين الذين يئسوا من أوضاع بلدهم ويطالبون بالهجرة إلى جارتهم في الشمال يصطف أمام باب السفارة التركية في بيروت. وتتجاوب تركيا مع طلباتهم بسخاء كبير. وفقط في سنة 2019 صودق على 10.000 طلب هجرة.
ويمكن القول إن هذا النشاط التركي الزاحف والواثق في لبنان يثير على نحو خاص الطائفة الأرمنية التي تقيم بلبنان منذ إبادة الشعب الأرمني بأيادي الأتراك في القرن الفائت. ونظراً إلى كون هذه الطائفة ذات نفوذ في البرلمان اللبناني فهي تبذل كل ما في وسعها لكبح مطامع تركيا في لبنان. في الوقت عينه لا يحظى هذا النشاط التركي برضى كل من السعودية، وفرنسا، وإيران. والانطباع السائد هو أن أردوغان مستمر في محاولة بسط هيمنته.
وفي إسرائيل يشعر المسؤولون بهذا الزحف التركي في القدس الشرقية. ولا شك في أن هذا الانتشار الذي نجح أردوغان في تحقيقه يجب أن يقلق كل شخص في الشرق الأوسط. إن تأييد أردوغان لأيديولوجيا الإخوان المسلمين، وطريقة العمل التي يتبعها، والقائمة على فرض وقائع على الأرض، وتجاهُل الأطراف الأُخرى يجعل الوجود التركي في المناطق المذكورة أعلاه، والآن في لبنان، مثيراً للقلق الملموس الذي يجب إبداء الرأي حياله.

المصدر: صحيفة معاريف الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية