الحق في العلاج من الكورونا

الحق في العلاج من الكورونا
Spread the love

شجون عربية _ بقلم: أحمد طه الغندور/

لا شك أن وباء “كوفيد 19” أو المعروف لدى العامة بـ “الكورونا” شكّل متاهة للبشرية لم تستطع الخروج منها بعد، ولم تجد الأجوبة الشافية لها، فمنذ مارس الماضي إلى يومنا هذا لم نحصل على جوابٍ شافٍ فيما كان هذا الوباء هو “فيروس” جرى تصنيعه في المختبرات؛ أم أنه جائحة تضربنا بها الطبيعة بعد أن “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ”؟!
فلا زال الوباء يحصد الأرواح في موجاته المتعددة التي تضرب كافة أصقاع المعمورة، بعد أن ضرب الاقتصاد العالمي دون رحمة!
فقد قاربت عدد الإصابات المؤكدة بالمرض إلى الأن من 70,025,535 إصابة، بينما بلغت الوفيات على المستوى العالمي 1,590,323 نفساً بشرية، بينما في فلسطين فقد بلغت الإصابات حتى تاريخه 121,157 إصابة مؤكدة بينما الوفيات فقد كانت 1,029 حالة وفاة!
ولا شك أن هذه الأعداد مخيفة على المستويين الدولي والوطني، لكن قد يكون من المبشر قيام “بريطانيا” كأول دولة في توزيع اللحاق الخاص بالمرض على مواطنيها، وبدأ الحديث بين دول العالم المختلفة عن التعاقد على صفقات من المصل المضاد الذي بدأت أكثر من دولة على إنتاجه!
وقد يكون من حسن الطالع أن يأتي استخدام العلاج لهذا الوباء في الذكرى (72) لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تلك الوثيقة التي تعتبر من أهم المراجع الأخلاقية والقانونية على المستوى الدولي!
وبنظرة سريعة إلى فحواه؛ نجد أن المادة (25) وفي فقرتها الأولى قد نصت: ـ
” لكلِّ شخص حقٌّ في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصَّةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحقُّ فيما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمُّل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه”!
وهذا المبدأ لم يتجاوزه دستورنا أو “القانون الأساسي الفلسطيني المعدل” في المادة 22، بل ربما جاءت أكثر تفصيلاً بشأن التأمين الصحي!
وهنا يجب التذكير بأن كافة التدابير الوقائية التي تتخذها الحكومات من “إغلاقات” و “حجر صحي” و “العمل بقانون الطوارئ” يجب أن تتماشى تماماً مع معايير حقوق الإنسان!
وهنا يبرز السؤال الأهم!
هل تأخذ دول العالم بما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في التعامل بالمساواة، وبمستوى لائق في التعاطي مع العلاج بين دول العالم المختلفة، بحيث يأمن كل “إنسان” الغوائل التي تسبب بها الوباء من “البطالة” و “المرض” و”العجز”، و “الترمل”، وغيرها من الظروف الخارجة عن إرادته مما أفقده أسباب عيشه؟!
مما يبدو بشكل واضح أن هذا الأمر لن يتحقق، فهناك تنافس غير شريف بين دول العالم؛ أغنياء وفقراء، في كيفية الحصول على “المصل” أو “اللقاح” من حيث الأولوية وما يناسب أعداد السكان، بل أن اللقاح الأشهر منها؛ قد لا تحظى به دول عدة لانعدام إمكانية تخزينه وتوريعه لديها، نظراً لحاجته إلى “برادات” فائقة البرودة!
والغريب أن الدول لا تأخذ في الاعتبار أن “عدم العدالة” في التوزيع على المستوى العالمي سيقف حجر عثرة في سبيل القضاء على الوباء مهما كانت درجات الوقاية المستخدمة!
وكما أن “نظرية المؤامرة” أحاطت ميلاد “الفيروس”، فإن النظرية ذاتها تحيط “العلاج”، فوسائل التواصل الاجتماعي تضج بالكثير من الأقاويل، والمشاهدات، والرسائل التي تُحذر من العلاج! وكيف أن أرباب “التكنولوجيا” يتحينون الفرصة لتحويل البشر العادي إلى نوع من “الروبوتات” أو الرجال الآليين، بل أن أخر الأخبار تتحدث عن أن هناك إصابات بالحساسية حدثت نتيجة استخدام اللقاح على بعض الأشخاص!
وهنا نعود إلى الدور الحكومي، في نشر الوعي الصحي السليم في مقابل الكثير من الإشاعات، وحسن اختيار الأمصال المناسبة لكافة فئات المجتمع، وتوزيعها باحترافية وأولية متناسبة في المجتمع، حتى نضمن النجاح في القضاء على الوباء.
ربما هناك مسألة أخيرة يجب الإشارة إليها؛ وهي أن اللقاحات في شكلها الحالي، قد تعتبر تجريبية، وهذا يعني من الناحية القانونية، عدم جواز فرضها إجبارياً على السكان!
فعلى سبيل المثال ينص القانون الأساسي الفلسطيني ـ السابق الإشارة إليه ـ في المادة (16) بأنه “لا يجوز إجراء أي تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاء قانوني مسبق، كما لا يجوز إخضاع أحد للفحص الطبي أو للعلاج أو لعملية جراحية إلا بموجب قانون”!
وهذا يستدعي أن تقوم البرلمانات، ووسائل الإعلام بمناقشة الحكومة، ووزارة الصحة على سبيل التحديد للإجابة على كل الأسئلة المشروعة المتعلقة بالعلاج، وكيفية التعاطي معه، وما هي الأثار الطبية السلبية التي قد تنتج عن استخدامه؟!
في الختام، علينا أن ندرك بأن “البشر” أو السكان هم أهم الموارد الحيوية للدول الفقيرة، مما يستدعي حسن التعامل معها بشفافية مطلقة، وبما يتناسب مع معايير حقوق الإنسان، كي تحافظ الدول على وجودها، وسر بقائها، فما هذه الدول إلى الإرادة الجمعية لهؤلاء الأفراد!