يديعوت أحرونوت: الغزل المتجدد بين تركيا وإسرائيل

يديعوت أحرونوت: الغزل المتجدد بين تركيا وإسرائيل
Spread the love

شجون عربية _

ميخائيل هراري – زميل في “المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية” وسفير سابق لإسرائيل في قبرص/

منظومة العلاقات بين إسرائيل وتركيا لم تكن في أفضل حالاتها في السنوات الأخيرة. الخلافات في الآراء بين الدولتين عميقة فيما يتعلق بمجموعة قضايا، وعلى رأسها النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، ودعم تركيا للإسلام السياسي في المنطقة. في المقابل، وثقت إسرائيل علاقاتها جداً بمجموعة من دول المنطقة – بينها اليونان، وقبرص، ومصر واتحاد الإمارات – وكلهم خصوم بارزون ومعارضون للسياسة الخارجية التركية الحالية.
بالإضافة إلى ذلك، منذ أيار/مايو 2018 لا يوجد سفيران في السفارتين في تل أبيب وفي أنقرة بل قائمان بالأعمال. حدث هذا بعد أن طلبت تركيا من السفير الإسرائيلي المغادرة من دون أن تخفّض بصورة رسمية مستوى العلاقات – رداً على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس.
مؤخراً ظهرت تقارير يمكن أن تدل على محاولة تركية لتحسين العلاقات. بينها تقرير عن اجتماع سري عُقد بين رئيسي استخبارات الدولتين بحث في تطبيع العلاقات، وفي تعيين سفير تركي جديد في إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك نشر مركز دايان مقالاً دعا الدولتين إلى السعي للاتفاق على الحدود البحرية بينهما. الكاتب هو الأدميرال المتقاعد البروفيسور سيهات يايسي Cihat Yayci الذي يوصف بأنه أدميرال الاتفاق البحري الذي وُقّع في السنة الماضية بين تركيا وليبيا. في مقاله ادعى الكاتب أن الاتفاق على خط الحدود البحرية الموقّع بين إسرائيل وقبرص (في كانون الأول/ديسمبر 2010) يظلم عملياً إسرائيل. بحسب كلامه، في حال التوصل إلى اتفاق بحري إسرائيلي – تركي، سيُضاف إلى أراضي إسرائيل 16 ألف كيلومتر مربع، وسيشمل ذلك المنطقة التي تتضمن حقل الغاز القبرصي “أفروديت” (الذي يُعتبر حقلاً مشتركاً إسرائيلياً – قبرصياً، لكن الجزء الأكبر منه يقع في الجانب القبرصي. لم تتفق إسرائيل وقبرص بعد على الحصة الدقيقة لكل دولة).
في مقابل ذلك، الناطق بلسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومستشاره الكبير، إبراهيم كلاين، سُئل في نقاش في معهد للأبحاث عن منظومة العلاقات مع إسرائيل، فركزت إجابته على القضية الفلسطينية، ولم يتطرق إلى احتمال تحسّن العلاقات. وأوضح كلاين أن تركيا تؤيد حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مع صلاحيات سيادية، وشدد على أن الحكومة الإسرائيلية ابتعدت في السنوات الأخيرة عن هذه المواقف.
هل هذه تلميحات لا تزال مترددة بشأن مسألة تحسين العلاقات مع إسرائيل؟
تنتهج تركيا في الأشهر الأخيرة سياسة خارجية في عدة جبهات: في الحوض الشرقي للبحر المتوسط في مواجهة اليونان وقبرص حول الحدود البحرية؛ في لبيبا في محاولة مستمرة لدعم الحكومة في طرابلس؛ وفي الصراع الأذري – الأرميني، بشأن الخلاف على إقليم ناغورنو كاراباخ. ارتفاع التوتر في الحوض الشرقي للبحر المتوسط رفع من احتمال فرض عقوبات على تركيا من جانب الاتحاد الأوروبي.
علاوة على ذلك، الساحة الدولية كلها تتحضر لمواجهة دخول الإدارة الأميركية الجديدة إلى واشنطن وتُظهر أنقرة تخوفاً من السياسة الأميركية الجديدة. العلاقات التركية – الأميركية معقدة ومتوترة منذ فترة طويلة، في الأساس بسبب الخلاف في الرأي بشأن شراء منظومة صواريخ S-400 الروسية، والتأييد الأميركي للأكراد في شمال شرق سورية. مع ذلك، منظومة العلاقات بين ترامب وأردوغان كانت إجمالاً إيجابية، الأمر الذي ساعد في المحافظة على ضبط النفس بين الدولتين.
هل التلميحات التركية فيما يتعلق بإسرائيل هي رسالة إلى إدارة بايدن؟ ليس من المستبعد أن المقصود هو فعلاً تلميحات ولو حذرة ومترددة لإظهار اهتمام بتحسين الأجواء بين تركيا وإسرائيل. في المحصلة تشعر تركيا بالعزلة والتحدي في مواجهة المنظومة الإقليمية المثيرة للإعجاب، التي تضم إسرائيل، واليونان، وقبرص، ومصر، ودول الخليج.
الخلافات في الرأي بين إسرائيل وحكومة أردوغان عميقة. والمنظومة الإقليمية الناجحة التي بُنيت بالكثير من العمل في السنوات الأخيرة تخدم جيداً المصالح الحيوية الإسرائيلية. العلاقات مع الدول الهيلنية انضمت إليها مؤخراً زاوية خليجية، وكلهم يتابعون بقلق السياسات للدولة التركية في المنطقة.
في المقابل، تحسين الحوار بين إسرائيل وتركيا أمر حيوي، وهو يمكن أن يسمح لهما بتسوية الخلافات والحؤول دون حدوث سوء التفاهم على خلفية تصاعُد التوترات في المنطقة، وتوسيع التعاون الاقتصادي والمدني بينهما. عودة السفيرين إلى تل أبيب وأنقرة هي خطوة مطلوبة أولى حذرة وليست بالضرورة صعبة. بمقدار ما تحاول تركيا فعلاً تحسين الحوار مع إسرائيل، من المستحسن أن ترد إسرائيل على ذلك بإيجابية، لكن عليها أن تضع حلفاءها في المنطقة في صورة المستجدات، وأن تتعامل معهم بشفافية.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية