إنتخاباتنا وغزوة الديمقراطية!

إنتخاباتنا وغزوة الديمقراطية!
Spread the love

شجون عربية _ بقلم: أحمد طه الغندور/

قد يظن البعض أن لا شيء يجمع ما بين الانتخابات الفلسطينية و “غزوة الديمقراطية” التي حرض عليها “ترامب” في غزو “مبنى الكابيتول” أو مقر الكونغرس الأمريكي!
لا شك أن ما يجمع بينهما هو “لعبة الديمقراطية” كما ينظر إليها الفرقاء، فنحن شعب شغوف بالديمقراطية بعد هذه السنوات الممتدة على صدر قرن من الزمن، نسعى فيه للتحرر من أبشع وأخر احتلال في التاريخ؛ وهو “الاحتلال الصهيوني” لفلسطين!
أما “غزوة ترامب” فهي “أخطر جرائم العصر” لوقف المسار الديمقراطي من خلال إفشال إقرار نتائج الانتخابات الأمريكية عبر البرلمان الأمريكي بمجلسيه وفقاً للدستور، حيث صورت له “نفسه” ـ والتي كثرت في حقها الادعاءات بالمرض النفسي من قِبل المقربين ـ بأن الانتخابات سُرقت وأنه الفائز، وأن السبيل بـ “غزو الكونغرس” لإقرار الديمقراطية التي يراها!
الولايات الأمريكية تمارس الديمقراطية في الداخل الأمريكي والتي تأخذ شوطاً بعيداً في الإعلام والمجتمع، ويتم فيها تجنيد الأموال الطائلة، والأفراد، والمؤسسات الإعلامية، ومراكز الأبحاث، ولكنها خارج “الأرض الأمريكية” لها معاييرها الخاصة لفرض إرادتها على الحكومات والأفراد لحصاد ما تستطيعه من موارد تلك الأوطان ولو بـ “الغزو العسكري” والقوة، وبفرض الفاسدين على سدة الحكم بالقوة أو بالتلاعب بالانتخابات عبر العديد من الوسطاء والمؤسسات الدولية!
وهنا تأتي خطيئة “ترامب” أنه فرض النسخة الخارجية للديمقراطية الأمريكية على الداخل الأمريكي، وكشف “عورة” النظام الأمريكي، ومدى هشاشته من الداخل، وهذا يُثبت ما يُثيره “باحثون” حول قرب نهاية “الهالة العالمية” للولايات المتحدة الأمريكية؛ وحتى إمكانية تفككها إلى دويلات، وكأن متطلبات “الغطرسة” حالت دون قيام مراكز الأبحاث العديدة والمشهورة في “أمريكا” بدراسة ومعرفة “النفس” أو الواقع الأمريكي، وأنهكت نفسها في نظريات القوة والهيمنة والسيطرة على العالم!
فكم بقي من عمر “وحيد القرن” في عالم اليوم؛ وهي العاجزة أمام “الكورونا”، والأزمات الاقتصادية، والانقسام الداخلي؟!
أمريكا، ووسطاؤها الأوروبيون يضغطون من أجل إجراء “الانتخابات الفلسطينية”، وهذه الرغبة ليست خطوة في سبيل إنهاء “الاحتلال الصهيوني” وتجسيد الدولة الفلسطينية بحدودها الشرعية في فلسطين، بل هي في مخططاتهم وفي أفضل تجلياتها لإطالة عمر الاحتلال، وإدارة الانقسام، وسلخ القدس من النسيج الوطني، وتعضيد المستغلين في استنزاف الوطن!
في مقال سابق تحدثت عن البدء بانتخابات “المجلس الوطني” لخلق برلمان “الدولة”، إذ لم يعد واضحاً هل إنتهت حقبة “أوسلو” أم إننا نرغب في إحيائها، نريد أن نعرف ما هي الاستراتيجية الفلسطينية للمرحلة القادمة، هل هي “الدولة”، أم “خلق دويلات” أم الاندماج مع المحتل؟!
أمريكياً، وأوروبياً ما هو المطلوب؟ هل المطلوب مزيداً من “التدجين” الفلسطيني من كل الفصائل الفلسطينية في ظل انتخابات تفرض “قائمة موحدة” جل من فيها “مرفوض وطنياً”، هل ستقدم أمريكا والاتحاد الأوروبي الدعم اللازم، والشروط القانونية لتمكين الأفراد ـ من خارج القائمة ـ من ممارسة حقهم الديمقراطي في وطنهم المحتل!
أعلم أن “الانتخابات المفروضة” شر لا بد منه، لأن الحرية تأتي قبل “الديمقراطية الشكلية”، فلا بد من موازنة خطواتنا كي لا ندمر حقنا في الحرية أمام إبقاء “الاحتلال”، وإدارة “الانقسام”، وإحياء الأمل في نفس الفساد والاحتلال!
لنرى هل الانتخابات القادمة تحمل الأمل بعام جديد يحمل كل خير، أم أننا لا زلنا نعيش معاناة الألم الممتد لـ “سنة الكمامة”؟!