الحرب الشرسة على محور المقاومة

الحرب الشرسة على محور المقاومة
Spread the love

شجون عربية _ بقلم: محمود موسى مصطفى/

تصعيد الحلف الصهيو ـ امريكي ـ التركي في المنطقة العربية يستهدف ما تبقى من حاملي راية العروبة ومحور المقاومة، وحان وقت الرد المزلزل فالزمن مناسب والمكان مناسب بعد أن وصلت الأمور إلى النقطة الحرجة ومع غياب أي مشروع سياسي أو سلام بالمنطقة.
شهد العام الماضي 2020م المزيد من الأحداث الدموية من خلال اعتداءات الحلف الصهيوني الامريكي التركي على المنطقة العربية، حيث عم الخراب وعدم الاستقرار وفقدان الأمن والأمان فيها، ومن جهة إسرائيل قدم رئيس أركان الجيش الصهيوني أفيف كوخافي تقريره السنوي للعام المنصرم، “أن الجيش الإسرائيلي هاجم منذ بداية العام الجاري /500/ هدفاً على كافة الجبهات، ونفذ عشرات العمليات السرية، وعدة حملات سايبر هجومية”، واستمر الاحتلال الامريكي في المنطقة مع زيادة بالحشود العسكرية وخلق توترات جديدة، ووسع الاحتلال التركي عملياته العسكرية في سورية والعراق وأفريقيا وباتجاه آسيا الوسطى، وما زالت عمليات طرد السكان العرب من أراضيهم مستمرة بالإضافة لتغيير الديمغرافي وسرقة ونهب الثروات الباطنية علناً دون أي رادع.
لا شك بأن الحروب الشرسة التي يقودها الحلف الصهيوـ امريكي ـ التركي أثرت على محور المقاومة واستنزفت الكثير من قدراته البشرية وقوته العسكرية بعد اشعال ثورة ما يسمى “الربيع العربي”، مما أحدث نوع من الضعف والترهل في صد بعض الاعتداءات والخروقات أو الرد عليها فوراً، بسبب اجتياح الحلف الصيو ـ امريكي ـ التركي لمزيد من الأراضي الواسعة، وظهور لاعبين جدد في ساحة الصراع لمحاصرة وخنق محور المقاومة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وجاءت عمليات التطبيع بين بعض الدول العربية والإسلامية مع العدو الصهيوني لتعطي زخماً ودعماً كبيراً لتحركات الاستعمارية وبناء قواعد عسكرية جديدة في المنطقة العربية مع الدول المطبعة، واستخدام الحلف الاستعماري الوسائل المتطورة في العلوم العسكرية وفي مجال الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة وأعمال التجسس والهجوم بالأسلحة الفتاكة في ضرب مراكز مهمة لدى محور المقاومة وتدميرها، كل ذلك زاد من الضغط والخناق على محور المقاومة، ويعاني الأخير أيضاً دولاً كانت أو أحزاب وحركات ومجموعات مقاومة من أزمات داخلية سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة بسبب العقوبات والحصار الجائر عليه، بالإضافة للعلاقات الفاترة أو المتوترة أو العدائية مع جيرانه أو الوسط الذي هو من حوله، ولا تشفع للمحور المذكور انتماءاته الوطنية أو القومية أو الدينية أو المذهبية، كل ذلك أضعف الهمم والحس الوطني لدى الشعوب المقاومة والمتعاطفين معه ضد الهيمنة الصهيو ـ امريكية ـ التركية، وخاصة بعد تخلي دول عربية وإسلامية عن دعم مشروع المقاومة سياسياً واقتصاديا ومادياً وعسكرياً وغير ذلك، والهرولة للتطبيع والتعاون مع العدو الصهيوني ـ تركي.
وفي واشنطن تحضر سيناريوهات جديدة في مواجهة محور المقاومة قد تكون مفصلية وخطيرة على المنطقة بأكملها، وذلك بعد هزيمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانتخابات الأخيرة في شهر تشرين الثاني الماضي أمام منافسه جو بايدن، ويحاول الرئيس ترامب اللعب بما تبقى لديه من أوراق سياسية وعسكرية لكسب الوقت قبل رحيله المفروض في يوم 20 كانون الأول 2021م، وتحقيق أهدافه المبيته والتي تصب ضمن هدفين:
الهدف الأول: وهو ترسيخ العقيدة الفكرية للحركة المسيحية المتصهينة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي لها أنصارها وعددهم بالملايين، والدفع والتصعيد بالمنطقة العربية لحروب دموية طويلة الأمد وصولاً لمعركة “هرمجدون” وعودة المسيح المنتظر والهيكل المزعوم حسب معتقدات أصحاب هذا الفكر المتطرف ومنهم الرئيس ترامب وإدارته.
والهدف الثاني: انقلاب الرئيس ترامب على السلطة والدستور لبقائه لمدة طويلة في سدة الحكم وقيادة البيت الأبيض، بعد كل محاولاته والتي باءت بالفشل بالقضايا المرفوعة لإثبات صحة التزوير بالانتخابات الأخيرة، وهذا يتطلب استخدام الجيش كقوة عسكرية داعماً له، وكسب ثقة ورضى اللوبي الصهيوني في أمريكا بالحفاظ على أمن واستقرار إسرائيل بالمنطقة كقوة ضاربة ومتفوقة بالشرق الأوسط دون أي منافس لها، وما حدث من هجوم بالكونغرس يوم الاربعاء 6/1/2021م، هذا لا يعني بان الأزمة وحشود القوات الامريكية والاسرائيلية قد انتهت بل على العكس تماماً حيث ارسلت في نفس اليوم المذكور سابقاً طائرة بي 52 تحمل اسلحة نووية الى المنطقة، فالخطر مازال قائماً ويجب أخذ الحذر، ومشكلة الأمة العربية مع المشروع الصهيو ـ امريكي ـ التركي وليست مع الأشخاص والزعماء ولو اختلفت سياستهم، ومازلت الرموز النووية وقرار الحرب بيد الرئيس ترامب حتى يومنا هذا.
وسبق واعتمد الرئيس ترامب برنامجه السياسي المعروف حيث وضع المنطقة العربية ضمن خيارين لا ثالث لهما، إما التطبيع مع إسرائيل، أو فرض العقوبات والحروب بجميع أنواعها (السياسية، الاقتصادية، العسكرية، وغير ذلك).
ولتنفيذ مخططة الجديد قام الرئيس ترامب بإقالة معارضيه حيث عزل /11/ مستشاراً من المجلس السياسي الدفاعي في وزارة الدفاع الأمريكية، وعلى رأس هؤلاء المستشارين، وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، ومادلين أولبرايت، وزعيم الأغلبية السابق في مجلس النواب إريك كافتور، وتم استبعاد وكيل وزارة الخزانة السابق ديفيد ماكورميك الذي خدم خلال فترة دارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، ورودي دي ليون كبير مسؤولي العمليات السابق في البنتاغون، وتم استبدالهم بشخصيات منسجمة مع سياسة الرئيس ترامب، ومن الأسماء المرشحة في المجلس الجديد رئيس مجلس النواب السابق نيوت غيفريتش، والطيار السابق في سلاح الجو سكوت أوجرادي، وسبق وأقال الرئيس ترامب وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، في بداية تشرين الثاني العام الماضي 2020م، ولم يفصح عن الأسباب التي دفعته لإقالة الوزير إسبر، واكتفى بتعيين مدير المركز الوطني لمحاربة الإرهاب كريستوفر ميلر وزيراً للدفاع بدلاً عن الوزير إسبر.
ظهرت النتائج العملية للإدارة الترامبية الجديدة بعد التغيرات التي تحدثنا عنها سابقاً، فتم ارسال مقاتلات بي /52/ من قاعدتها في مينوت بولاية نورث داكوتا إلى الشرق الأوسط، من أجل ردع أي عدوان على أصدقاء أمريكا وطمئنت شركائها وحلفائها، كما جاء في بيان القيادة المركزية الامريكية بالشرق الأوسط، وتقوم الطائرات المذكورة بعمليات العسكرية الدورية في مراقبة المنطقة العربية وخاصة الخليج العربي وحدود إيران، وتحركت حاملات الطائرات باتجاه الخليج العربي كوقاية من أحداث غير متوقعة، وانضمت لهم غواصة نووية، وتم رفع الجاهزية القتالية للقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، واستخباراتياً وبضوء أخضر من واشنطن لتل أبيب نفذ جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة بالقرب من طهران، وسبق ذلك مقتل عدداً كبيراً من العلماء الإيرانيين والعرب خلال السنوات الماضية، ولم تتوقف إسرائيل عن اعتداءاتها المتكررة على دول محور المقاومة، حيث استهدفت مقاتلاتها مواقع حساسة في تلك الدول وأحدثت أضراراً مادية كبيرة فيها، وبكل وقاحة يطالب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة غلعاد إردان مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات صارمة ضد التموضع العسكري الإيراني في سورية.
ومجرد تلويح إيران بالانتقام لمقتل الشهيد فخري زادة، رفعت القيادة الإسرائيلية الجاهزية القتالية للجيش، ووضعت منظوماتها الدفاعية الصاروخية المتعددة لحماية البلاد من أي تهديدات جوية متوقعه، وأجرى الجيش الإسرائيلي تجاربه على أداء منظوماته، مثل: “القبة الحديدة” ومنظومة “العصا السحرية” المضادة للصواريخ المتوسطة المدى، ومنظومة “حيتس1 و2 و3” المضادة للصورايخ البالستية الكبيرة، بالإضافة لمنظومة “باتريوت الأمريكية” الصنع المضادة للطائرات والصواريخ والطائرات المسيرة، وأرسلت البحرية الإسرائيلية غواصة من طراز “دولفين” إلى مياه الخليج العربي عبر قناة سويس تحت أنظار ومعرفة الحكومة المصرية لترابط مقابل الشواطئ الإيرانية.
وتتحدث تقارير رسمية من داخل الكيان الصهيوني عن حالة الرعب والهلع التي يعيشها العدو الصهيوني وأدراك قيادته بأن الرد الإيراني قادم لا محال، وأن هناك ثلاث سيناريوهات محتملة:
الأول: أن تقوم طهران بضرب أهداف إسرائيلية في الخارج.
والسيناريو الثاني: ضرب أهداف إسرائيلية حدودية عبر حلفاء إيران في المنطقة.
أما السيناريو الثالث: فهو شن هجمات في العمق الإسرائيلي باستخدام صواريخ بعيدة المدى.
هناك نقاط مهمة استراتيجية يجب إلا تغيب عن الأذهان، قد يلجئ الحلف الاستعماري الجديد خلال الأيام القادمة إلى سيناريوهات كمقدمة لإعلان الحرب على محور المقاومة، بتحريك خلايا نائمة تخريبية داخل البلاد، قبل البدء بأي هجوم عسكري محتمل، وهذا سيعطي مؤشرات ومعطيات مدى قوة وتماسك الجبهة الداخلية لمحور المقاومة، والتي ستبنى عليها مصير المعركة المقبلة، ويمكن الاستفادة من الدروس المستوحاة من المعارك التي خاضها الجيش الأذربيجاني في حربه على أرمينيا واجتياح اقليم قره باغ وتحقيق انتصارات ساحقة على الجيش الأرميني وحسم المعركة لصالحه، حيث استخدم الجيش الأذربيجاني تكتيك عسكري متطور بأسلحة إسرائيلية وتركية حديثة بعملياته العسكرية، وسبق ووقعت حرب الخليج الأولى عام 1990م ثم الثانية والثالثة وغزو العراق، وهنا يجب أخذ العبرة من الخطأ الذي ارتكبته القيادة العراقية في تلك الفترة حيث تركت جحافل الغزات تتجمع في منطقة الخليج وعلى الحدود العراقية ثم شنت هجومها الجوي والبري والبحري لتدمير العراق، بينما كان لدى الجيش العراقي إمكانية الهجوم وإرباك القوات المعادية، وتخفيف الخسائر لديه، وهذا الخطأ الاستراتيجي العسكري تكرره الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل حالياً بتجميع قواتهم تحت الخط الناري لمحور المقاومة مما يسهل استهدافها وتدميرها، والتحركات الامريكية بسحب جنود أمريكيين من بعض المناطق العراقية وافغانستان لا يعني عودتهم إلى بلادهم بل إعادة تموضع هؤلاء في مناطق أخرى، وهذا ينطبق أيضاً على بعض القطع البحرية الامريكية التي خرجت منذ ايام قليلة من الخليج العربي لترابط في مكان آخر، ومن الطبيعي أن يكون هناك مفاجئات في أي معركة قد تندلع بالمنطقة، ويبقى التمسك بالأرض والعقيدة والهدف وعودة الحقوق لأصحابها كلها كافية للنصر على العدو.

المصدر: الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.