يسرائيل هَيوم: التهديد الإيراني، المشكلة الأميركية

يسرائيل هَيوم: التهديد الإيراني، المشكلة الأميركية
Spread the love

شجون عربية _

دان شيفتان – محلل سياسي إسرائيلي/
تواجه إسرائيل تهديداً واحداً يمكن أن يتطور ليأخذ أبعاداً وجودية: إنه التهديد الإيراني. في هذه المرحلة هو تحت السيطرة المقرونة بإضعاف إيران بواسطة العقوبات، وقمع تمدُّدها في سورية في حرب استباقية محدودة، وارتداع عن توسيع المواجهة بسبب تصميم إسرائيل والولايات المتحدة. تسعى إدارة بايدن لاتفاق مع إيران يحذف مكونات مهمة من المعادلة. إيران سترفض اتفاقاً يقيد فعلاً فرض هيمنتها في المنطقة، ويضر مع مرور الزمن بقدراتها الباليستية والنووية. إعادة بناء أطر الاتفاق السابق أو تحسينه بصورة هامشية يعرّض إسرائيل والدول العربية في الخليج وفي العالم للخطر. تدور بين النظام الموجود في إيران وبين إسرائيل وأنظمة عربية “لعبة فيها منتصر واحد وخصم خاسر”. الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه فعلاً بين بايدن وخامنئي سيضر حتماً بالحاجات الحيوية لإسرائيل وأنظمة عربية في المعسكر الأميركي.
سِمات التهديد الإيراني يعرفها مَن يفحص الصورة الاستراتيجية الكاملة. أساسه محاولة فرض هيمنة هذه القوة الإسلامية العظمى القوية والراديكالية على الشرق الأوسط على حساب دول عربية ضعيفة، وجزء منها لم يعد قادراً على إدارة أموره.
هيمنة كهذه لا تتطلب سيطرة وبالتأكيد لا تتطلب احتلالاً: إيران لا تريد تحمّل مسؤولية المشكلات البنيوية للعرب في دولهم الفاشلة. هي مهتمة بحشد الموارد الهائلة في المنطقة من أجل سيطرتها – موارد الطاقة، والطرق الاقتصادية والاستراتيجية التي لها علاقة بالموقع الجيو – سياسي لهذه الدول والأهمية الإسلامية لمكة والمدينة. لقد سبق أن أثبتت إيران قدرتها على السعي لمثل هذه الهيمنة في ضوء موازين القوى الإقليمية، بواسطة سياسة حكيمة وناجعة في تجنيد وكلاء، إذا جرى تحييد المعارضة الشديدة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل. الجزء الأساسي من المعارضة الأميركية جرى تحييده بواسطة الاتفاق في أيام أوباما. جزء أساسي من فعالية المعارضة الإسرائيلية تأمل إيران بتحييده بواسطة تجديد الاتفاق في أيام بايدن.
الأساس هو الهيمنة. تجنيد موارد المنطقة في خدمتها سيحول إيران إلى دولة عظمى أهم بكثير خارج حدود الشرق الأوسط، بسبب قدرتها على تهديد أوروبا الهشة. مثل هذه الهيمنة سيتيح لها أيضاً أن تصبح تهديداً لإسرائيل ذا أبعاد وجودية، إذا تمكنت من استخدام قدراتها ووكلائها الراديكاليين لفرض إرادتهم في الأردن وسورية، وأن تشكل تحدياً لمصر. لقد أثبتت إيران مثل هذه القدرة من خلال إنشاء قناة بواسطة وكلائها بينها وبين الحوض الشرقي للبحر المتوسط على حساب الأنظمة المفككة في العراق، وفي سورية ولبنان. وكلاؤها في اليمن يضربون السعودية ويعرّضون الملاحة في مضائق باب المندب للخطر. ولوقت معين نجحت إيران بواسطة السودان في تهديد مصر والملاحة في البحر الأحمر. السلاح النووي هدفه إعطاء النظام المخطط لهذه الخطوات حصانة في مواجهة عملية إحباط أميركي وإسرائيلي لجهوده.
من خلال اتفاق 2015 عرقل أوباما جهود إيران في تخصيب اليورانيوم لعشر سنوات، من دون أن يمنع تطوير أجهزة الطرد المركزي المتطورة، ومن دون رقابة فاعلة على تطوير السلاح، ومن خلال تجاهُل الدفع قدماً بوسائل القتال الباليستية. بهذه الطريقة سمح لإيران فعلياً بإنشاء مجال على درجة منخفضة لكنه قابل للتطوير كي تصبح دولة على عتبة النووي. في الاختبار الاستراتيجي الواسع منح أوباما إيران موافقة على ما هو أساسي بالنسبة إلى الهدف – السعي لهيمنة إقليمية – بثمن كبح موقت وجزئي للقنبلة النووية التي تهدف إلى ضمان حصانتها. هذا المخطط يحاول بايدن استئنافه الآن على أمل إدخال تحسينات هامشية. الإيرانيون يشعرون بحماسته للتوصل إلى اتفاق والآفاق المحدودة لفهمه وتوقعاته: هو لا يقبل أن المشكلة تتمثل في إيران قوية والرد هو إضعافها.
أسلوب موفده الكبير يدل على نيات الرئيس: بايدن اختار موفداً متمرساً ولطيفاً هو روبرت مالي، مع سجل كبير من علاقة غير ودية مع إسرائيل والتعبير عن تفهمه لخصومها الراديكاليين المُعادين أيضاً للولايات المتحدة. في كامب ديفيد 2000 أيّد فعلياً سردية ياسر عرفات. لو أراد بايدن الحصول على ثقة إسرائيل وحلفائها العرب لكان أعاد النظر. رئيس الأركان يدرك كل هذا جيداً.

المصدر: صحيفة يسرائيل هَيوم الإسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية