هآرتس: حبيبي، لديك إمكانية الاختيار: طرد، ترانسفير، أو اقتلاع

هآرتس: حبيبي، لديك إمكانية الاختيار: طرد، ترانسفير، أو اقتلاع
Spread the love

شجون عربية _

عميرة هاس – مراسلة شؤون المناطق الفلسطينية المحتلة/

الكاريكاتور الذي نُشر على الوتسآب أفضل من ألف كلمة: شخصان يديران ظهريهما لنا، يقفان أمام ثلاثة أبواب. الأول جندي إسرائيلي (نجمة داود مرسومة على خوذته)، والثاني عربي (كوفية على رأسه) من الواضح من النص المرفق أنه فلسطيني. فوهة بندقية الجندي موجهة إلى الأمام (ليس نحو الفلسطيني). سلاسل الرصاص تلف جسد الجندي. هو يضع يده على ظهر الفلسطيني في وضع مريح وربما ودي، لكن يدل أيضاً على قوة الجندي ونفوذه وتفوقه. باختصار موقف أبوي.
الكلام المنسوب إلى الجندي هو التالي: “حبيبي، أنت تختار – نحن دولة ديمقراطية”. كلمة “حبيبي” كُتبت بالخاء كما يلفظها الإسرائيليون الأشكناز الذين لا يستطيعون لفظ حرف الحاء. حينها ينتقل البصر إلى اللافتة المعلقة على الباب: “طرد”، “ترانسفير”، “اقتلاع”.
طرد جماعي وسريع، طرد زاحف واقتلاع على مراحل: أنواع الطرد التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين ليست مطروحة كموضوعات في انتخاباتنا. الانتخابات لا تهتم بعنف المستوطنين ولا بالإدارة المدنية والعسكرية، اللتين تخططان لمحو التجمعات الفلسطينية وطرد سكانها إلى مناطق مدينية. قضاة إسرائيليون يضغط عليهم الجيش والمستوطنون للموافقة على الترحيل والطرد، يعرفون أن هذا الزلزال الذي يصيب حياة الفلسطينيين لا يسمعه مرشحو الأحزاب. القضاة يقررون في ظل لامبالاة أغلبية الإسرائيليين.
الرسم الكاريكاتوري (الذي ورد من دون تاريخ ومن دون اسم الصحيفة) هو للرسام الكاريكاتوري جهاد العوارتي، من مواليد عمّان، شاركه ناصر النواجعة من سويسا. الرسم الكاريكاتوري يلخص 30 عاماً من حياته مر خلالها بعمليتي طرد لعائلته وباقي سكان قريته، محاولة الطرد وعملية الاقتلاع والإبعاد لا تزال مستمرة.
في سنة 1986 صادر الجيش الإسرائيلي أراضي قريته كفر قدوم التي وُلد فيها، وأعلنها موقعاً أثرياً وطرد منها 25 عائلة كانت تعيش هناك. جزء من الأراضي التي صودرت أُعطيت لمستوطنة سوسيا الدائمة التوسع، التي أُقيمت في سنة 1983. العائلات التي طُردت انتقلت إلى منطقة أُخرى تملكها للعيش في خيام وكهوف. في سنة 1991 طردهم الجيش من هناك أيضاً. أصروا وانتقلوا إلى جزء آخر من أراضيهم المزروعة. في سنة 2001 هدمت السلطات، بمساعدة المستوطنين، كهوفاً ومباني ومنازل وآبار مياه، وطردت سكانها. المحكمة العليا أمرت بإعادتهم، لكنها لم تسمح لهم بالبناء.
كما في تجمعات فلسطينية أُخرى، وفي نحو 60% من الضفة الغربية، المنع الإسرائيلي للبناء في سوسيا، والوصل بشبكة المياه والكهرباء والطرقات هو نوع من طرد زاحف، فكم من الناس قادرون على الاستمرار في العيش في ظروف القيود والملاحقة التي لا تتوقف؟ من الأجدى لهم الانتقال إلى مدينة يطا أو بالقرب منها. هذا هو الموقف الأبوي للمدير المدني الذي شرح للمحكمة العليا لماذا رفض خطة التصميم التي أعدتها القرية. المعنى المضمر ليذهبوا إلى الجيوب التي أعددناها لهم. الباقي هو لنا، لليهود.
هذا أيضاً ما قيل لعشرات التجمعات من مسافر يطا الواقعة شرقي سوسيا. هم أيضاً طردتهم الدولة الأكثر يهودية في العالم. هم كانوا هنا قبل الصهيونية وقبل دولة إسرائيل. الكهوف هي إحدى الإثباتات على أقدميتهم، وأيضاً على أسلوب حياتهم: يعتاشون من الرعي والزراعة. لكن إسرائيل مصرة على الكذب والقول للمحكمة العليا إن سكان القرى سكنوا هناك بعد إعلان أن الأرض أراض عسكرية لإطلاق النار.
في سنة 1966 فجّر الجيش الإسرائيلي منازل جنبا [قرية في أقصى جنوب الخليل] وهي عبارة عن مزيج من كهوف ومبان حجرية ذات أقواس. في سنة 1985 هدم الجيش جنبا مرة أُخرى. في سنة 1999 هجّر الجيش سكان 12 قرية. المحكمة العليا أمرت بإعادتهم – لكنها لم تطلب من الدولة السماح لهم بإعادة بناء ما تدمر. قريباً يجب على القضاة أن يقرروا كيفية الموازنة بين العدالة وبين مطالبة الدولة بهدم القرى، وأن يعمل السكان في أراضيهم فقط في أيام السبت وفي الأعياد اليهودية.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية