“نيويورك تايمز”: إدارة بايدن تعرض رسمياً استئناف المحادثات النووية مع إيران

“نيويورك تايمز”: إدارة بايدن تعرض رسمياً استئناف المحادثات النووية مع إيران
Spread the love

نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قولهم إن الولايات المتحدة اتخذت خطوة كبيرة يوم أمس الخميس تجاه استعادة الاتفاق النووي الإيراني الذي تخلت عنه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وعرضت الانضمام إلى الدول الأوروبية فيما سيكون أول دبلوماسية جوهرية مع طهران منذ أكثر من أربع سنوات.

وأوضحت الصحيفة أنه في سلسلة من التحركات التي تهدف إلى الوفاء بواحد من أهم الوعود الانتخابية للرئيس بايدن، تراجعت الإدارة الأميركية أيضاً عن جهود إدارة ترامب لإعادة عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وهو الجهد الذي أدى إلى فصل واشنطن عن حلفائها الأوروبيين.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين لوزراء الخارجية الأوروبيين في مكالمة صباح الخميس إن الولايات المتحدة ستنضم إليهم في السعي لاستعادة الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، والذي قال إنه “كان إنجازاً رئيسياً للدبلوماسية المتعددة الأطراف”.

وبعد ساعات من كلام بلينكن، ناشد إنريكي مورا، نائب الأمين العام للاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية، الموقعين الأصليين على الاتفاق النووي – بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين – لإنقاذه وهو يمر في “لحظة حرجة”.

وقال مورا في تغريدة على تويتر: “(يجب إجراء) محادثات مكثفة مع جميع المشاركين والولايات المتحدة. أنا مستعد لدعوتهم إلى اجتماع غير رسمي لمناقشة سبل المضي قدماً”.

وقالت “نيويورك تايمز” إنه بينما لم يتضح ما إذا كان الإيرانيون سيوافقون على الانضمام إلى المناقشات، قال ثلاثة أشخاص مطلعين على الجدل الداخلي إنه من المرجح أن تقبل إيران. وقال المسؤولون إن إيران ستكون على الأرجح أكثر انفتاحاً على الاجتماع مع الاتحاد الأوروبي، حيث تكون الولايات المتحدة ضيفاً أو مراقباً، بدلاً من المحادثات الرسمية المباشرة مع واشنطن كمشارك.

وفي الأيام الأخيرة، أشار وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، والرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى أنهما منفتحان على مناقشة نوع من النهج المتزامن، حيث سيتحرك الطرفان بخطوة ما في تاريخ معين. وقال مسؤول أميركي كبير إن هذا له جاذبية داخل البيت الأبيض، مشيراً إلى كيفية تنسيق الخطوات الرئيسية لتنفيذ اتفاق 2015 الأصلي.

وأضافت الصحيفة أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد أربعة أشهر فقط، ليس من الواضح ما إذا كان المرشد الأعلى للبلاد، آية الله علي خامنئي، والقيادة السياسية والعسكرية للأمة سيدعمون بالكامل إعادة التعامل مع الولايات المتحدة.

وأوضحت أنه تكون العقبة الأولى أمام استعادة الاتفاق النووي هي من يبادر أولاً. وقال بلينكين هذا الأسبوع إن “إدارة بايدن تعتقد أن استعادة الاتفاق القديم ليس كافياً، ولديها أهداف أخرى تشمل تمديد وتعميق الاتفاق في محاولة لكبح قدرة إيران الصاروخية المتزايدة ودعمها المستمر للجماعات الإرهابية وحكومة بشار الأسد السورية”، وهي قضايا قالت إيران إنها ليست مطروحة على الطاولة.

فطوال الحملة الرئاسية لعام 2020 والفترة الانتقالية، أصر بايدن على أنه لن يرفع العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب إلا إذا عادت إيران إلى حدود الإنتاج النووي التي كانت في عام 2019.

فبموجب الاتفاق الأصلي لعام 2015، شحنت إيران 97 في المئة من وقودها النووي خارج البلاد ووافقت على قيود صارمة على الإنتاج الجديد من شأنها أن تضمن بشكل أساسي أنها ستستغرق عاماً أو أكثر لإنتاج مواد كافية لسلاح نووي واحد. (سيستغرق بناء سلاح وقتاً أطول). في المقابل، رفعت القوى العالمية العقوبات الدولية التي أضعفت الاقتصاد الإيراني.

لكن على الرغم من اعتراضات وزير خارجيته الأول ووزير دفاعه الأول – وكلاهما أُقيل – أعاد ترامب فرض العقوبات الأميركية على إيران في عام 2018، بحجة أن الصفقة كانت معيبة وأن العقوبات الاقتصادية ستؤدي في النهاية إلى كسر الحكومة في طهران، أو إجبارها على توقيع اتفاقية جديدة. وأثارت خطوته غضب الدول الأخرى التي توسطت في الاتفاق مع إيران بعد سنوات من المفاوضات الشائكة.

وعلى مدار العام الماضي، قامت إيران بتجميع وتخصيب الوقود النووي بما يتجاوز الحدود التي تم التفاوض عليها في اتفاقية 2015. واتهم قادتها الولايات المتحدة بأنها أول من انتهك شروطها وتعهدوا بالعودة إلى الامتثال فقط بعد أن تقلب أميركا مسارها وتسمح لها ببيع النفط وإجراء عمليات مصرفية في جميع أنحاء العالم.

وعلناً، شكك وزير الخارجية الإيراني، ظريف، في أن طهران ستوافق على إجراء محادثات قبل رفع العقوبات الأميركية. وفي تغريدة يوم الخميس، قلل من شأن انتهاكات إيران المتكررة للاتفاق ووصفها بأنها مجرد “إجراءات علاجية”.

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن سد هذه الفجوة سيكون عملية شاقة.

ويأتي العرض الأميركي قبل أيام من الموعد النهائي، يوم الأحد المقبل، الذي قالت إيران إنها ستمنع فيه المفتشين الدوليين من زيارة منشآت نووية غير معلنة وإجراء عمليات تفتيش غير معلنة للمواقع النووية، ما لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات التي أعادت إدارة ترامب فرضها. لكن التهديد الإيراني لن يمنع وصول المفتشين إلى المنشآت النووية المعلنة والتي تخضع للمراقبة على أساس منتظم. ومع ذلك، فإن القدرة على التفتيش في أي مكان، عند الطلب، من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمر مفروغ منه بموجب الاتفاق النووي.

ورأت “نيويورك تايمز” أنه من الأهمية بمكان بالنسبة لثقة المجتمع الدولي أن إيران لن تعيد تشكيل قدرتها على صنع سلاح نووي بسرعة. وزعمت أنه كانت هناك أدلة ظرفية متزايدة، قدم الكثير منها من قبل الاستخبارات الإسرائيلية، على أن إيران لم تكشف مطلقاً عن المواقع المشاركة في برنامجها النووي، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من عقدين.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن عرض الاجتماع يوم الخميس لم يكن مقصوداً على وجه التحديد منع إيران من اتخاذ هذه الخطوة، لأن الولايات المتحدة لن تقدم تنازلاً لوقف إجراء ليس لإيران أساس لاتخاذه في المقام الأول. ولم يقدم المسؤول تفاصيل محددة بشأن المقترحات التي قد تقدمها الولايات المتحدة للاجتماعات الأولية مع إيران والأوروبيين. واقترح بعض الخبراء أن الولايات المتحدة يمكن أن تكسر الجمود من خلال تدابير لا تنطوي على عقوبات، مثل دعم طلب إيران الأخير للحصول على قرض طارئ من صندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار لمساعدتها على الاستجابة للضرر الاقتصادي الناجم عن جائحة فيروس كورونا.

وقال مسؤول ثانٍ كبير في إدارة بايدن إن من المتوقع أن تشمل المفاوضات الصين وروسيا. فمع اضطراب الاتفاق النووي على مدى السنوات الأربع الماضية، سعت إيران إلى إقامة علاقات أوثق مع بكين وموسكو، مما دفع بعض الخبراء الأمنيين إلى القول إنه لا موسكو ولا بكين حريصة على أن تكون شريكاً في التفاوض مع الولايات المتحدة في وقت تتزايد فيه توتراتهما مع بايدن. وبدلاً من ذلك ستواصلان صفقات السلاح مع طهران.

وقالت الصحيفة إنه لم يتضح بعد الدور الذي ستلعبه القوى الإقليمية، إن وجد، بعد استبعادها من الاتفاقية النووية السابقة، بما في ذلك السعودية وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحد أكثر الأعداء صراحةً للاتفاق النووي لعام 2015 ولا يزال غير مقتنع بأنه يمكن الوثوق بإيران للتخلي عن طموحاتها النووية بموجب أي اتفاق.

وسارع منتقدون آخرون للاتفاق الأصلي إلى انتقاد العرض الجديد لإدارة بايدن. وسأل ريتشارد غولدبرغ، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض في عهد ترام ، على تويتر عما إذا كانت تصريحات يوم الخميس بمثابة “رسالة استرضاء واسعة عبر الأطلسي في مواجهة الابتزاز الإيراني”.

وكبادرة حسن نية، سحبت إدارة بايدن يوم الخميس أيضاً طلباً قدمته إدارة ترامب في الخريف الماضي بأن يفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات دولية ضد إيران لخرقها الاتفاق النووي بحسب زعم الطلب الأميركي.

ورفضت كل الدول تقريباً إصرار وزير الخارجية مايك بومبيو في ذلك الوقت على أن الولايات المتحدة يمكن أن تلجأ إلى ما يسمى بالعقوبات المفاجئة لأن واشنطن لم تعد جزءاً من الاتفاق.

وبالإضافة إلى ذلك، سترفع إدارة بايدن قيود السفر المفروضة على المسؤولين الإيرانيين الذين يسعون لدخول الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الأمم المتحدة.

ورداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة قد أجرت بالفعل أي اتصالات دبلوماسية أولية مع إيران، لم يرد مسؤول وزارة الخارجية الأميركية على وجه التحديد، واكتفى بالقول إن الإدارة تشاورت على نطاق واسع حول هذا الموضوع.

وتُرك المسؤولون الأوروبيون، الذين اتهموا طهران رسمياً قبل أكثر من عام بانتهاك الاتفاق، للحفاظ على تماسكه. وعلى أمل استعادة الاتفاق بمجرد مغادرة ترامب لمنصبه، فقد أخروا تطبيق آلية النزاع لمعاقبة إيران لخرقها المتكرر للاتفاق منذ ذلك الحين.

ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم – عن الميادين نت