“وول ستريت جورنال”: الخطاب الصيني في ألاسكا إنذار بتراجع هيبة أميركا

“وول ستريت جورنال”: الخطاب الصيني في ألاسكا إنذار بتراجع هيبة أميركا
Spread the love

شجون عربية_ تناولت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية المحادثات الأميركية – الصينية في مدينة أنكوراج بولاية ألاسكا الأميركية الأسبوع الماضي، مشيراً إلى المحاضرة التي ألقاها مسؤول صيني كبير أمام كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في اجتماعهم الأول.

وقالت هيئة تحرير الصحيفة في افتتاحيتها إن هذه المحاضرة تعكس الواقع الجديد في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، حيث يتطلع الخصوم لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم استغلال الرئيس بايدن كما فعلوا مع باراك أوباما.

فقد اتفق الجانبان الأميركي والصيني على تخصيص دقيقتين من الملاحظات المفتوحة لكل جانب. وأبقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كلامه قصيراً ومضيافاً، رغم أنه قال إن للولايات المتحدة مخاوف عميقة من سلوك الصين بما في ذلك أفعالها في شينجيانغ وهونغ كونغ وتايوان، والهجمات السيبرانية على الولايات المتحدة والإكراه الاقتصادي تجاه حلفاء أميركا، معتبراً أن “كل هذه الأفعال تهدد النظام المرتكز إلى قواعد والذي يحفظ الاستقرار العالمي”.

مدير اللجنة المركزية للشؤون الخارجية في الصين ، يانغ جيه تشي ، ذهب بعد ذلك في دمعة لمدة 20 دقيقة (بما في ذلك الترجمة) حول تفوق “الديمقراطية على النمط الصيني” وخطايا أمريكا. تضمنت الأخيرة إشارة إلى قضية “حياة السود مهمة” ، ومشاكل حقوق الإنسان ، وأن الولايات المتحدة “مارست ولاية قضائية طويلة الأمد وقمع الأمن القومي وأرهقت فوق طاقته من خلال استخدام القوة أو الهيمنة المالية”.

وأضافت الصحيفة أن مدير اللجنة المركزية للشؤون الخارجية في الصين، يانغ جيتشي، قد تحدث لمدة 20 دقيقة شملت الترجمة، في خطاب بكائي حول تفوق “النموذج الصيني الديمقراطي” و”خطايا أميركا”. وشملت هذه الخطايا الإشارة إلى حركة حياة السود مهمة”، ومشكلات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، وأن أميركا قد مارست دور القاضي المتمكن والقمع وأرهقت الأمن القومي عبر استخدام القوة أو الهيمنة المالية”.

وأضاف يانغ: “لذلك نعتقد أنه من المهم للولايات المتحدة تغيير صورتها والتوقف عن نشر ديمقراطيتها في بقية العالم. هناك الكثير من الناس داخل الولايات المتحدة لا يثقون في الواقع بديمقراطيتها”.

وعقلت افتتاحية الصحيفة بالقول: كما أشرنا سابقاً، يحب الصينيون ترديد النقد الإعلامي الأميركي، الذي صحا أخيراً، لأميركا.

ورد بلينكين بأن الولايات المتحدة “تعترف بنواقصنا، وتقر بأننا لسنا مثاليين، وأننا نرتكب أخطاء، ولدينا تراجعات، ونتخذ خطوات للوراء” من أجل المراجعة، ولكن بعد ذلك نحرز تقدماً مجدداً.

ورأت الصحيفة أن كلان بلينكن “صحيح جداً، لكنه دفاعي بلا داعٍ بعد تهجّم أجنبي علني على المصالح والقيم الأميركية”. وقالت إن هذا كان اجتماعاً واحداً فقط، لكنه كان بمثابة تحديد لهجة العلاقات الثنائية الأكثر أهمية في العالم. وأشارت إلى أن الكلام المسرّب من المحادثات تظهر أن المواقف الخاصة من الجانب الصيني كانت قاسية مثل التصريحات العامة. يوضح الصينيون أنه بعد سنوات حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تريد بكين العودة إلى سياسة التكيّف للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مع تقدم الصين العالمي.

وأوضحت “وول ستريت جورنال” أن هذا يعني اعتراضات أميركية ضعيفة على انتهاكات الصين الإلكترونية وسرقة الملكية الفكرية. إنه يعني إنهاء السياسة الأميركية المتمثلة في بناء تحالف من الديمقراطيات في آسيا يتصدى للعدوان الصيني. وفوق كل ذلك، يعني ذلك إنهاء الانتقادات أو العقوبات ضد الصين لانتهاكها المعاهدة مع بريطانيا بشأن هونغ كونغ، أو تهديدها بغزو تايوان، أو سجنها المسلمين الأويغور في معسكرات إعادة تأهيل في شينجيانغ.

في الشهرين الأولين لحكمها، كانت إدارة بايدن قوية في خطابها بشأن كل هذه الإجراءات الصينية. وقد أدار بلينكين ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان سلسلة من الاجتماعات الجيدة مع حلفاء في المحيطين الهندي والهادئ قبل اجتماع أنكوراج. كما أبرما اتفاقًا بشأن تمويل نشر القوات الأميركية في كوريا الجنوبية.

وقالت الافتتاحية: لكن التحدي الحقيقي سيكون في مدى استجابة أميركا للمخططات العدوانية لخصومها في بكين وموسكو وطهران. يتذكر الرجال الأقوياء في هذه العواصم كيف تمكنوا من التقدم عندما كان مساعدو بايدن من “الدوليين الليبراليين” آخر مرة في السلطة في عهد أوباما. حينها استولت روسيا على القرم وغزت شرق أوكرانيا وانتقلت إلى سوريا. وانتزعت الصين جزراً لإنشاء قواعد عسكرية في بحر الصين الجنوبي وسرقت أسراراً أمريكية من دون أن تنال عقاباً على ذلك. ونشرت “إيران الإرهاب عبر الحرب بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجرّت (وزير الخارجية الأميركي أنذاك) جون كيري إلى توقيع الاتفاق النووي”.

وأضافت الصحيفة: تتطلع هذه القوى الإقليمية (الثلاث) لمعرفة ما إذا كانت هذه الإدارة الأميركية الجديدة هي إدارة أوباما ثانية. إن مغازلة واشنطن المتجددة لطهران حتى تعود إلى الاتفاق النووي المعيب لعام 2015 علامة على ضعفها. من المؤكد أن فلاديمير بوتين سيتخذ بعض الإجراءات ضد المصالح الأميركية رداً على وصف بايدن له الأسبوع الماضي بأنه “قاتل”.

وأشارت الافتتاحية إلى أن الاختبار الأكبر سيكون الصين، التي تزداد ثقة في أنها تتمتع بميزة استراتيجية على أميركا المتراجعة. وقالت: إذا كنتم لا تصدقون ذلك، فاقرأوا تعليقات السيد يانغ في أنكوريج. إن تفكير السلطات في بكين اليوم لا يختلف عن تفكير الاتحاد السوفياتي في سبعينيات القرن العشرين عندما كان الانحدار الأميركي في رواج، وسعى الشيوعيون حينها للتقدم في جميع أنحاء العالم. وثمة استثناء هو أن لدى الصين اليوم قوة اقتصادية أكبر بكثير.

وقالت الصحيفة: قد يكون مستقبل تايوان هو التحدي الأكثر خطورة. باعتبارها مركزاً لإنتاج شرائح “أشباه الموصلات” عالمياً، تعد الجزيرة جوهرية للمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة فضلاً عن كونها حليفاً ديمقراطياً. أوضح الرئيس الصيني شي جينبينغ أن استعادة السيطرة على تايوان أولوية لحكومته، وأن الجيش الصيني يبني قوة قادرة على شن غزو سريع الضربة للجزيرة. سيكون السيد شي حريصاً على تبادل الوعود بشأن تغيّر الظروف من أجل إذعان الولايات المتحدة بشأن تايوان.

وختمت الصحيفة بالقول إن هذه لحظة خطيرة في وقت تتطلع فيه القوى المارقة في العالم لاختبار عزيمة إدارة بايدن. إن محاضرة أنكوراج الصينية هي تحذير يجب التعامل معه بجدية”.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم