“واشنطن بوست”: كيف تحاول روسيا والصين إعادة كتابة نظام الانترنت العالمي

“واشنطن بوست”: كيف تحاول روسيا والصين إعادة كتابة نظام الانترنت العالمي
Spread the love

شجون عربية_ تناول المعلق الأميركي ديفيد أغناتيوس في مقالته في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية موقع ودور الأمم المتحدة حالياً ومحاولة الصين وروسيا استخدامها لصياغة قواعد جديدة للنظام الدولي.

وقال إن كبير الدبلوماسيين الصينيين يانغ جيتشي كان له رد مثير للاهتمام على دعوة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين في محادثات أنكوراج بولاية ألاسكا الأميركية هذا الشهر، لـ”تعزيز النظام الدولي القائم على القواعد” حيث أجاب جيتشي “أن مثل هذا الأمر موجود بالفعل. إنها تسمى الأمم المتحدة”.

وأضاف الكاتب أن الكثير من الناس قد اعتاد على التفكير في الأمم المتحدة في العقود الأخيرة على أنها متجر مزعج للكلام، تم إنشاؤه بنوايا نبيلة، ولكن بشكل متزايد أصبح مستنقعاً من البيروقراطية والخدش المتبادل. لكن بالنسبة للصين وروسيا، تعتبر الأمم المتحدة على نحو متزايد مكاناً للعب دور القوة الخفية – التي غالباً ما تتجاهلها الولايات المتحدة – والتي يمكن أن تشكل النظام العالمي الجديد الناشئ.

وتابع: يعد الفضاء الإلكتروني أفضل مثال على مجال تستخدم فيه الدول الاستبدادية بقيادة الصين وروسيا الأمم المتحدة لصياغة قواعد جديدة يمكن أن تقوّض المعايير الغربية للانفتاح والديمقراطية.

وأوضحت “واشنطن بوست”: إليك كيفية سير العملية: في كانون الأول / ديسمبر 2019 بينما كان العالم المشتت بفعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ينظر إلى الاتجاه الآخر، حصلت روسيا على موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة لبدء صياغة معاهدة عالمية لمكافحة الجرائم الإلكترونية. قالت الولايات المتحدة في ذلك الوقت إن لديها “مخاوف جدية للغاية” من أن مثل هذه المعاهدة “ستقف ضد الحريات الأميركية الأساسية”، لكنها خسرت التصويت حيث حصلت على تأييد 79 مقابل 60.

لم يبدأ العمل على معاهدة الأمم المتحدة الجديدة بعد بسبب جائحة كورونا. ومن المقرر عقد اجتماع الصياغة الأول في أيار / مايو المقبل. وفي حالة استكمال المعاهدة والتصديق عليها ستحل محل اتفاقية بودابست لعام 2001 بشأن جرائم الإنترنت، وهي الاتفاقية التي تمت صياغتها من قبل المجلس الأوروبي وصادقت عليها 65 دولة بما في ذلك جميع الديمقراطيات الرائدة – ولكن لم يتم اعتمادها من قبل روسيا أو الصين لأنهما اعتبرتا أحكامها تدخلية للغاية.

وأضافت الصحيفة: ثمة مثال آخر على التلاعب بمنظومة الأمم المتحدة هو قيام روسيا (بدعم صيني) بإنشاء هيئة مناقشة إلكترونية تابعة للأمم المتحدة تسمى مجموعة العمل المفتوحة العضوية OEWG) ) مع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 والتي تهدف إلى العمل بالتوازي مع المجموعة الأصغر التي تضم 25 عضواً من الخبراء الحكوميين الذين كانوا يصدرون تقارير حول مشكلات تقنية معقدة.

أندريه كروتسكيخ، أحد كبار المستشارين السيبرانيين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صاح في اجتماع مجموعة العمل المفتوحة الشهر الماضي بأن المجموعة تمثل “النجاح الباهر للدبلوماسية الروسية”، وفقاً لتقرير صدر في 13 آذار / مارس عن خدمة الأخبار الروسية “تاس” المملوكة للدولة. واتهم دولاً لم يذكر اسمها بـ”إثارة الوضع الدولي في مجال المعلومات”، في إشارة إلى مزاعم أميركية بشأن القرصنة الروسية في الانتخابات الأميركية 2016 و2018 و2020 ودور موسكو في اختراق النظام الانتخابي الأميركي.

قد تأمل روسيا في أن تحل مجموعة العمل المفتوحة العضوية في نهاية المطاف محل مجموعة الخبراء الأصغر والتي يمكن أن تحول ما ينبغي أن يكون مناقشات تقنية حول أمن الإنترنت والاتصالات السلكية واللاسلكية إلى مأزق سياسي. فقد حاول الروس (مرة أخرى بمساعدة صينية) تولي إدارة الإنترنت من خلال الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) في كانون الثاني / يناير. هذا الانقلاب لعزل الاتحاد الخاص للخبراء المعروف باسم مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة أو ICANN ، كان مدعوماً من الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف الذي ادعى في بيان في 12 آب / أغسطس 2020 أن “الولايات المتحدة تسيطر تماماً على نظام أسماء النطاقات ولحسن الحظ تجاهل الاتحاد الدولي للاتصالات الاقتراح الروسي”.

وقالت الصحيفة إنه في ساحات معارك الأمم المتحدة الغامضة يكمن العمل الكئيب ولكن الأساسي لحماية “النظام القائم على القواعد” لتعزيز شبكة إنترنت مفتوحة وآمنة. وفي بيان لم يحظ باهتمام يذكر في 26 آذار / مارس، أعلن بوتين نية روسيا السيطرة على الرقابة على الفضاء الإلكتروني.

تباهى بوتين في بيان لمجلس الأمن الروسي قائلاً: “بفضل جهودنا إلى حد كبير، أصبح أمن المعلومات بنداً على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة”. وأضاف: “نعتقد أنه من الضروري إبرام اتفاقيات قانونية دولية عالمية مصممة لمنع النزاعات وبناء شراكة متبادلة المنفعة في الفضاء السيبراني العالمي”.

واعتبرت الصحيفة أن “هذه اللغة تقشعر لها الأبدان، عندما تدرك أنه يتحدث عن قواعد مكتوبة إلى حد كبير من قبل الصين وروسيا”.

إن الدول التي قامت بتخريب الإنترنت بأكبر قدر من القوة تريد الآن أن تراقبها وتضع معاييرها الخاصة. يتطلب القتال في هذه الحالة الصبر والمثابرة – والاستعداد للجلوس من خلال اجتماعات لا نهاية لها حيث يتعرض النظام الذي أنشأته الولايات المتحدة وشركاؤها العالميون منذ جيل لهجوم بطيء لا هوادة فيه.

وختم الكاتب بالقول إن من المذهل حقاً أن الدول التي قامت بتخريب الإنترنت بأكبر قدر من القوة تريد الآن أن تراقبها، وتضع معاييرها الخاصة. يتطلب القتال في هذه الحالة الصبر والمثابرة والاستعداد للجلوس من خلال اجتماعات لا نهاية لها حيث يتعرض النظام الذي أنشأته الولايات المتحدة وشركاؤها العالميون منذ جيل لهجوم بطيء لا هوادة فيه.

نقله إلى العربية: الميادين نت