معاريف: أوساط مسؤولة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.. ليس ثمة أي مبرر عملاني لاختراق سياسة الغموض حيال إيران

معاريف: أوساط مسؤولة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.. ليس ثمة أي مبرر عملاني لاختراق سياسة الغموض حيال إيران
Spread the love

شجون عربية _

طال ليف – رام – محلل عسكري إسرائيلي/
لا شك في أن الأيام الحالية هي أيام متوترة وتُطرح فيها عدة قضايا استراتيجية كبيرة على جدول الأعمال، وأساساً في كل ما يتعلق بإيران. وفي هذا الأسبوع تجسد بالملموس ما سبق أن حذرنا منه في السابق من احتمال أن تؤثر العلاقات السيئة السائدة داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية في قضايا أمنية، وكذلك في المستويات المهنية في المؤسسة الأمنية.
وفي الأسابيع الأخيرة يدور جدل كبير بشأن كل ما يتعلق بالتسريبات واختراق سياسة الغموض الإسرائيلية بواسطة اقتباس مصادر إسرائيلية في وسائل الإعلام الأجنبية أو المحلية، كما حدث الأسبوع الفائت ارتباطاً بالعملية المنسوبة إلى جهاز الموساد في منشأة نتانز النووية الإيرانية. وتعني هذه التسريبات المجهولة الهوية أن إسرائيل تتحمل في الظاهر المسؤولية عن عمليات ونشاطات كانت في الماضي غير البعيد تحافظ على صمت مطبق حيالها.
ينبغي لنا القول إن سياسة الغموض لا تهدف من ناحية مبدئية إلى منع الجانب الآخر من معرفة مَن الذي قام بالمساس به، بل تهدف إلى عدم الوقوف علناً وعلى رؤوس الأشهاد وراء هذا المسّ بغية الحؤول دون حدوث تصعيد يؤدي إلى نشوب حرب. بمعنى آخر كان الهدف من وراء سياسة الغموض عدم حشر العدو في الزاوية، وبالتالي مضاعفة الحافز لديه كي يرد.
ثمة مَن يدّعي أنه في ضوء تحوّل المواجهة بين إسرائيل وإيران إلى مواجهة شبه مباشرة، هناك حاجة إلى إعادة النظر في سياسة الغموض كجزء من سياسة الردع حيال إيران. في المقابل يعتقد كبار قادة الجيش أن سياسة الغموض ما زال لديها دور مهم في هذه الأيام. ولذا فإن قيادة الجيش لم يعجبها اختراق هذه السياسة في الأسابيع الأخيرة. غير أن هذه القيادة تظل خاضعة لسياسة الحكومة التي تمتلك وحدها صلاحية إقرار أي سياسة يجب اتباعها حتى في القضايا الأمنية.
في الوقت عينه تؤكد مصادر رفيعة المستوى في قيادة الجيش أن تغيير سياسة من هذا النوع يجب أن يتم بعد إجراء تقييم للوضع وعقد اجتماع خاص للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية – الأمنية واتخاذ قرار يوافق عليه الوزراء ذوو العلاقة بهذا الشأن. لكن لم يحدث شيء من هذا كله في الفترة الأخيرة. وبناء على ذلك، فإن الادعاء السائد لدى أوساط مسؤولة في المؤسسة الأمنية هو أنه ليس ثمة أي مبرر عملاني لاختراق سياسة الغموض، وهذا الاختراق يحشر إيران في الزاوية ويقرّب من احتمال حدوث تصعيد.
ويمكن القول إن هذا النقد من جانب المؤسسة الأمنية يحذّر من مغبة تحويل قضية أمنية من مسألة مهنية إلى نقاش سياسي، بما في ذلك إطلاق ادعاءات حيال الاعتبارات التي تحرّك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو [على خلفية شبهات الفساد التي تحوم حوله].
لا بد من أن نشير إلى أن هذا النقد لا ينتقص بأي حال من حقيقة أن العملية في منشأة نتانز، والتي نسبتها وسائل إعلام أجنبية إلى إسرائيل، كانت عملية ناجحة من ناحية عملانية، وكذلك من ناحية التأكيد لإيران أن إسرائيل تنوي الاستمرار في العمل ضد برنامجها النووي.

المصدر: صحيفة معاريف الإسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية