ما مدى اهتمام الرأي العام الأميركي بالانسحاب من أفغانستان؟

ما مدى اهتمام الرأي العام الأميركي بالانسحاب من أفغانستان؟
Spread the love

شجون عربية _

كتب جيوفاني روسونيلو تقريراً في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تناول فيها موقف الرأي العام الأميركي من الانسحاب المزمع للقوات الأميركية من أفغانستان بدءاً من أول أيار / مايو المقبل.

وقال الكاتب إنه عندما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء أنه سيسحب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول 11 أيلول / سبتمبر المقبل، كان بذلك يفي بوعده الذي قطعه خلال الحملة الانتخابية – وربما بالأهمية نفسها، كان يفي بوعده لنفسه.

لقد أمل بايدن لفترة طويلة في فصل الولايات المتحدة عن أفغانستان، حيث بقيت غارقة هناك لمدة عقدين. وقال بايدن بعد محادثات بين المسؤولين الأميركيين والأفغان: “خلصت إلى أن الوقت قد حان لإنهاء أطول حرب أميركية. حان وقت عودة القوات الأميركية إلى الوطن”.

أما بالنسبة للجمهور الأميركي، فلم تكن هناك مطالبة كبيرة بالانسحاب من أفغانستان بحسب ما تظهره استطلاعات الرأي. وقال ستيفن بيدل، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة كولومبيا والباحث في مجلس العلاقات الخارجية الذي يدرس السياسة الأفغانية، في مقابلة مع “نيويورك تايمز”: لا توجد مسيرات شموع إلى البنتناغون حول أفغانستان. لا أحداً يلقي أكياساً من الدم المزيف على ضباط الجيش”.

ورأى الكاتب أنه من هنا من الممكن التفكير في أن قرار بايدن لم يكن كاستجابة لمطلب الجمهور، ولكن كخطوة اعتقد أنها ضرورية وغير مكلفة نسبياً لدى الرأي العام.

فعندما خاضت أميركا الحرب في أفغانستان في عام 2001، أيد الرأي العام الأميركي بالإجماع تقريباً قرار الرئيس الأميركي أنذاك جورج دبليو بوش. وفي تشرين الثاني / نوفمبر من العام نفسه، الذي كان لا يزال مصدوماً من جراء هجمات 11 أيلول / سبتمبر، قال تسعة من كل 10 أميركيين إنهم يعتقدون أن إرسال قوات إلى أفغانستان هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، بحسب استطلاع أجرته مؤسسة غالوب.

وقالت الصحيفة إنه على مدى السنوات العشرين الماضية، تغيرت آراء الجمهور حول وجود الولايات المتحدة في أفغانستان، لكنها لم تتغير كلياً. فقد ارتفعت نسبة الأميركيين الذين قالوا إنه كان من الخطأ إرسال قوات إلى أفغانستان بشكل كبير في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنها استقرت في منتصف الأربعينيات، وظلت كذلك حتى عام 2019، وهي المرة الأخيرة التي طرحت فيها غالوب السؤال على مستطلعين.

وأوضحت الصحيفة أن موقف الرأي العام الأميركي بخصوص أفغانستان يختلف بشكل كبير عن مشاعر البلاد بشأن الحرب في العراق: فبحلول عام 2007، قال 62 في المائة من الأميركيين إن إرسال القوات كان خطأً، بحسب مؤسسة غالوب. ومنذ ذلك الوقت لم ينخفض ​​هذا الرقم إلى أقل من 50 في المائة. كذلك، مع بدء القوات الأميركية في العودة إلى الوطن من فيتنام في منتصف سبعينيات القرن العشرين، كان ستة من كل عشرة أميركيين يرون أن الحرب هناك لم تكن مجدية، بحسب استطلاعات غالوب أنذاك.

وأشار الكاتب أن مثل هذا الغضب العام لم يظهر بشأن الحرب في أفغانستان. بعد وقت قصير من إعلان الرئيس دونالد ترامب عزمه في عام 2019 على إعادة معظم القوات الأميركية المتمركزة هناك إلى الوطن، وجد استطلاع أجرته شبكة “إن بي سي نيوز” بالاشتراك مع صحيفة “وول ستريت جورنال” أن واحداً فقط من بين كل ثلاثة أميركيين يعتقد أن الولايات المتحدة “يجب أن يكون لها انسحاب سريع ومنظم لجميع القوات من أفغانستان”. فقد عارض 58 في المائة من المستطلعين الانسحاب.

وقالت الصحيفة إن قضية الوجود الأميركي في أفغانستان كانت لها أهمية منخفضة نسبياً بالنسبة للناخبين، حيث ظل عدد الضحايا الأميركيين منخفضاً ولم تحظَ الحرب باهتمام كبير في الصحافة الأميركية، حتى مع تزايد عدم الاستقرار السياسي في أفغانستان بشكل أكثر حدة في السنوات الأخيرة.

فوفقاً لاستطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس بالاشترام مع مؤسسة NORC العام الماضي، قال 12 في المائة فقط من الأميركيين إنهم يتابعون عن كثب الأخبار المتعلقة بالوجود الأميركي في أفغانستان.

وقال بيدل مشيراً إلى أفغانستان في الصورة السياسية الأميركية: “ستحتاج إلى مجهر إلكتروني لاكتشاف تأثير أفغانستان على أي سباق في الكونغرس في العقد الماضي، لقد كانت غير مرئية.”

وأضاف الكاتب أنه من وجهة نظر سياسية، يظل صحيحاً أن الديمقراطيين أكثر تشاؤماً بكثير بشأن أفغانستان من الجمهوريين – على الرغم من موقف ترامب المناهض للتدخل – مما يشير إلى أن بايدن وحلفاءه من غير المرجح أن يعانوا من عواقب من داخل حزبهم لقراره بالانسحاب من هناك، بل وربما يجنون بعض المكافآت. ففي عام 2019، وجد استطلاع لمؤسسة غالوب أن 53 في المائة من الديمقراطيين قالوا إن إرسال القوات إلى أفغانستان كان خطأً، بينما وافق 25 في المائة فقط من الجمهوريين على الانسحاب. أما بالنسبة للمستقلين، فقد كان الانقسام متساوياً: اعتقد 48 في المائة أن الانسحاب خطأ، وعارض 47 في المائة البقاء هناك.

وأجرت غالوب ومؤسسات استطلاع أخرى استطلاعات في أفغانستان في السنوات الأخيرة. وما كشفته هذه الاستطلاعات عن آراء المواطنين الأفغان لم يكن مشجّعاً. ففي عام 2019، وجدت مؤسسة غالوب أن توقعات الأفغان للسنوات القليلة المقبلة من حياتهم قد أصبحت كئيبة: على مقياس من 1 إلى 10، حيث يمثل 1 “أسوأ حياة ممكنة” في المستقبل و10 يمثل الأفضل، كان متوسط ​​التقييم تقريباً 2.5.

وأظهر استطلاع منفصل أجرته مؤسسة آسيا العام الماضي أن الأفغان لا يزالون متفائلين في الغالب بشأن احتمالية تحقيق السلام في غضون العامين المقبلين. ولكن بالنسبة لنحو ثلث الأفغان، الذين شعروا بأن السلام لن يتحقق، كان السبب الأكثر شيوعاً هو التدخل الأجنبي.

المصدر: عن الميادين نت