الصفقة والصمت

الصفقة والصمت
Spread the love

بقلم: يوسي ميلمان – محلل عسكري إسرائيلي —

•طوال عشرات من السنين أثارت إسرائيل ضجة كبيرة من أجل منع الولايات المتحدة من بيع سلاح متطور للسعودية. عبّر زعماء إسرائيل عن معارضتهم لذلك، وجندت إسرائيل اللوبي المؤيد لها “إيباك” كي ينشط في الكونغرس، كما استخدمت أدوات أخرى للتأثير على الإدارة الأميركية، وحاولت تجنيد صحف أميركية ودولية والرأي العام.

•كلّ هذا تغيّر. فصمت الحكومة الإسرائيلية عن أكبر صفقة سلاح بين الولايات المتحدة والسعودية جرى الاتفاق عليها خلال زيارة الرئيس ترامب إلى الرياض، مدوّ جداً. هناك وزير واحد فقط، هو يوفال شتاينتس، تجرأ وعبّر عن رأيه وقلقه حيال الصفقة الآخذة في التبلور.

•يعود الصمت إلى أمرين أساسيين: الأول؛ وجود مصلحة مشتركة بين السعودية وإسرائيل حالياً في الصراع ضد إيران. وبالاستناد إلى تقارير أجنبية يوجد بين الدولتين تنسيق سياسي وتعاون استخباراتي وأمني هدفه منع إيران من تحقيق هيمنة إقليمية، ومنعها من تطوير برنامج صاروخي نووي يشكل تهديداً للدولتين. وثمة سبب آخر لا يقل أهمية لصمت إسرائيل هو أن قادتها، وخاصة بنيامين نتنياهو، لا يريدون إثارة غضب ترامب الذي لا يمكن توقع ردود فعله. لا أحد يعرف كيف سيردّ ترامب على الانتقادات الموجهة ضده. علاوة على ذلك، حتى لو غضبوا في إسرائيل، واشتكوا وانتقدوا، فإن احتمال منع الصفقة يوازي الصفر لأنها هي التي ستسمح لترامب بأن يقول لناخبيه: لقد وعدتكم بوظائف جديدة وها أنا أفي بوعودي.

•لم يسبق أن رأينا صفقة بهذا الحجم، فهي ستتخطى خلال السنوات العشر المقبلة 300 مليار دولار، أي أكثر بعشر مرات من المساعدة الأميركية التي ستحصل عليها إسرائيل خلال تلك الفترة. على الرغم من ذلك، وبعد فحص معمق، للصفقة يمكن القول إنها يجب ألا تثير خوف إسرائيل، فجزء منها جرى الموافقة عليه قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض. وتشمل الصفقة كما يمكن أن نفهم من تركيبتها العامة منظومة سلاح لن تؤثر في تفوق إسرائيل النوعي على جيرانها في المنطقة، هذا إذا لم تنشأ حاجة لشن هجوم على السعودية. وما يجري الحديث عنه هو في الأساس سلاح دفاعي أو سلاح هجومي تكتيكي.

•ووفقاً للتقارير، ستبيع الولايات المتحدة السعودية 150 طوافة هجومية من طراز بلاك هوك، ودبابات، وأربع سفن حربية، ومنظومة دفاع متطورة ضد الصواريخ الباليستية من طراز تاد [THAAD] وأخرى من طراز باتريوت. والهدف من هذا السلاح هو تحسين قدرة الجيش السعودي في حربه ضد الحوثيين في اليمن الذين يحظون بمساعدة إيرانية، والدفاع عن أجواء المملكة حيال تهديد الصواريخ الإيرانية.

•والمكون الوحيد في هذه الصفقة الذي يمكن أن يثير قلق إسرائيل هو الرغبة الأميركية في تحسين قدرات السايبر في السعودية. وإذا كان هناك في إسرائيل من يحلم بأن يستعين السعوديون بإسرائيل كقوة عظمى في مجال الحرب السيبرانية وفي بناء قوتها في هذا المجال، فقد خاب أملهم.

•على الرغم من ذلك، لا يمكن الاستهانة بأهمية الصفقة على المدى الطويل. فإذا جاء يوم وانهار فيه حكم عائلة سعود (حتى الآن التنبؤات بشأن موت هذا الحكم قريباً كانت سابقة كثيراً لأوانها)، فإن جميع مخازن السلاح يمكن أن تقع في أيدي متطرفين مسلمين من سلالة أسامة بن لادن وعصابة القاعدة، أو الأسوأ من ذلك – بين يدي أبو بكر البغدادي، “خليفة” تنظيم الدولة الإسلامية.

المصدر: صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية