ثاني أخطر رجل أميركي

ثاني أخطر رجل أميركي
Spread the love

كتب جورج ف. ويل مقالة في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية بعنوان “ثاني أخطر رجل أميركي” يحذر فيها من عواقب تولي جون بولتون لمنصب مستشار الأمن القومي وتداعيات تاثيره المتوقع على الرئيس دونالد ترامب. والآتي ترجمة نص المقالة:

لأن جون بولتون هو خمسة أمور ليست في الرئيس ترامب – فهو ذكي، ومتعلم، ومبدئي، ومتكلم، وذو خبرة – وبسبب قرب بولتون من الجناح الغربي لرئيس يستجيب لأحدث فكرة كان قد سمعها من تلفزيون الكابل أو من موظف، فإن بولتون سوف يكون قريباً ثاني أخطر أميركي.

في التاسع من نيسان / أبريل، سيكون بولتون أول مستشار للأمن القومي، عند إقامته في أسفل القاعة قرب المكتب البيضاوي، يقترح أن على الولايات المتحدة أن تفكر بجدية في الشروع في ارتكاب جرائم حرب.

أول اتهامين ضد أكبر مجرمي الحرب النازيين الرئيسيين في محاكمات نورمبرغ عامي 1945-1946 كان يتعلق بشن حرب عدوانية. متشجعاً بالنجاح، كما لا يزال يراه، في مغامرة أميريكا في العراق التي بدأت منذ 15 عاماً في مثل هذا الشهر، فإن بولتون الذي لا تثيره بشكل كافٍ حرب تجارية مع العديد من الأصدقاء والأعداء، يؤيد الحروب الحقيقية ضد كوريا الشمالية وإيران. وكلاهما له نظام بغيض، لكن لا يمكن القول إن أي منهما يهدد بهجوم وشيك ضد الولايات المتحدة. ومع ذلك، يعتقد بولتون أن القصف قد يجعل العالم أكثر أمناً. فما يمكن أن يحدث خطأ؟

هناك الكثير قد ينتج من حقيقة أن بولتون معادٍ بشدة للرجل القوي فلاديمير بوتين، الذي يعجب به الرئيس الأميركي(ترامب)، بفعل فكرة الشخص الضعيف عن شخص قوي. وبسبب حقيقة أن الرئيس قام بإدانة غزو العراق الذي دعا إليه بولتون. لذا، اليوم ثمة حيرة تشغل الأشخاص غير القابلين للتعلّم: كيف يمكن للرئيس أن يوسّع قناعاته مع بولتون؟ دعنا نقول هذا مرة أخرى: ترامب ليس لديه قناعات. حتى هذه التعريفات الخرقاء على غرار الجبن السويسري هي ضبابية جداً لتعكس تفكيره في العواقب. فهو لديه مشاعر، وردود الفعل داخلية هو متنبه لها. لكن التحدث عن، على سبيل المثال، أريكة صادقة هي أن ترتكب ما يسميه الفلاسفة بـ”خطأ الفئة” – الأرائك غير قادرة على الصدق – والتحدث عن قناعات هذا الرئيس (أو خططه، أو سياساته) حول هذا أو ذاك هو خطأ فئة.

كثيراً ما يقال إن قرار غزو العراق كان أسوأ قرار في السياسة الخارجية الأميركية منذ (حرب) فيتنام. في الواقع، كان أسوأ من فيتنام، والأسوأ في التاريخ الأميركي، لسببين. أحدهما هو أننا لم ندفع حتى الآن أكثر من 20 في المائة من التكاليف النهائية لذلك القرار الذي عزز صعود إيران. والسبب الآخر هو أن أميركا تورطت تدريجياً في عمق فيتنام من دون لحظة عبور (نهر) الروبيكون – قرار واحد واضح ومتعسف. في المقابل ، كان التحضير المطول لغزو العراق تدخليًا ومنهجيًا. ليس صحيحاً، كما يصر الرئيس الحالي واليسار الخبيث، أن الرئيس جورج دبليو بوش وكبار مستشاريه “كذبوا” بشأن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. لقد أدركوا ببساطة أشياء خاطئة، فالمحافظون، على وجه الخصوص، يدركون أنه(الغزو) حدث ليس بلا سابقة مثيلة في السجلات التاريخية للحكومة.

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، عندما دفعت التعبئة الصناعية الأميركية هذه الأمة إلى أعلى مرتبة بين القوى العالمية، لم يعد الرئيس الأميركي هو أقوى شخص في العالم. بل هو رئيس الصين ويعود ذلك جزئياً إلى تخلي الرئيس الأميركي عن الشراكة عبر المحيط الهادئ من دون سياسة تجارية بديلة. القوة هي القدرة على تحقيق تأثيرات مقصودة. تحطيم الأواني الفخارية بشكل عشوائي لا يحسب. الرئيس الحالي يشبه وصف ونستون تشرشل لوزير الخارجية جون فوستر دالاس بأنه “الثور الوحيد الذي أعرفه والذي يحمل معه خزانة الصين الخاصة به”.

على غرار إدارة أوباما، التي يسخر بولتون بشدة من سياستها تجاه إيران، يبدو أن بولتون يعتقد أن الولايات المتحدة لديها القدرة على تحديد من الذي ومن لا يمكنه الحصول على أسلحة نووية. باكستان، التي كان دخل الفرد فيها 470 دولاراً عندما حصلت على أسلحة نووية قبل 20 عاماً (كان دخل الفرد في الصين 85.50 دولاراً عندما حصلت عليها في عام 1964)، أثبتت أن أي دولة تقريبا مصممة على أن تصبح قوة نووية يمكن أن تفعل ذلك.

إن إيمان بولتون بالسلطة الأميركية لجعل العالم يتصرف (كما يريد له) ويتناول القرنبيط الخاص به، يعكس ما أطلق عليه “اضطراب السياسة النرجسي” – وهو الاعتقاد بأنه مهما كان ما يحدث في العالم فهو يحدث بسبب شيء فعلته الولايات المتحدة أو لم تفعله. هذه وصفة للأوهام الدبلوماسية والتجاوز العسكري.

في الحديث عن الأوهام، توفي “شخص” الأسبوع الماضي ألا وهو الاعتقاد بأن هذا الرئيس يمكن أن يكون محمياً بأمان داخل طبقات إشراف الكبار. كتب سلف بولتون، هربرت رايموند مكماستر، كتابًا باهرًا عنوانه (التقصير في الواجب) حول فشل المسؤولين، وبخاصة القادة العسكريون، الذين كانوا يعرفون أفضل ولكنهم لم يقاوموا التعثر في كارثة فيتنام. وقد جرى استبدال ماكماستر لأنه كان سيقوم بواجبه فيما يتعلق باندفاعات الأميركي الأكثر خطورة، (في إشارة إلى جون بولتون).

المصدر: واشنطن بوست، ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole