هل الجيش الإسرائيلي مستعد للحرب المقبلة؟

هل الجيش الإسرائيلي مستعد للحرب المقبلة؟
Spread the love

دافيد م. فاينبرغ – نائب رئيس “معهد القدس للدراسات الاستراتيجية”
•خرجتُ من مؤتمر عقد هذا الأسبوع وأنا مثقل بمخاوف شديدة حيال مدى جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب المقبلة، أو على الأصح حيال روحه القتالية وروحه الجماعية. وآمل أن يجري إصلاح مواطن الضعف في الوقت المناسب، قبل اندلاع المواجهة العسكرية المقبلة التي تنتظرنا.

•من جهة أولى، يبدو أن الجيش يبني لنفسه قدرات تثير الإعجاب لسحق حزب الله و”حماس” والقوى الإيرانية في لبنان وسورية وقطاع غزة، لدى اندلاع الجولة القتالية المقبلة التي لا رادّ لها.

•وقد تحدث كل من اللواء يائير غولان النائب السابق لرئيس هيئة الأركان، واللواء (احتياط) يعقوب عميدرور المستشار السابق لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لشؤون الأمن القومي، أمام المنتدى الذي عقده “معهد القدس للدراسات الاستراتيجية”، فأوضحا أن الجيش الإسرائيلي يجري تدريبات مكثفة لمقاتليه على خط المواجهة تحضيرا لهجوم بري حاسم ضد أعداء إسرائيل. وقال غولان “ليس في وسع أي قوة جوية تحقيق انتصار لنا في المعارك المقبلة، أو منع إطلاق الصواريخ من جانب أعداء إسرائيل. سيكون لزاما علينا شن هجمات برية بقوات كبيرة جدا وبسرعة فائقة”.

•ويؤكد اللواءان أيضا أن الجيش الإسرائيلي وسلاح الجوّ مزودان اليوم بأفضل مما كان في السابق بكثير، بمنظومات اتصالات تكتيكية، ومنظومات تبئير دقيقة، واستخبارات ميدانية دقيقة، وقدرات سيبرانية ممتازة وأسلحة روبوتيّة، إلى جانب منظومات جوية من الرائدة في العالم كافة (طائرات نفاثة من طراز F-35 وطائرات من دون طيار فتاكة) ومنظومات بحرية متعددة (غواصات وغيرها). ويرى غولان إن التحصّن السياسي والعسكري الروسي في سورية قد يصبّ أيضا في صالح إسرائيل إذا ما أحسنت خوض غمار اللعبة على نحو صحيح. فروسيا وليس الولايات المتحدة، هي الوحيدة القادرة على لجم العملاء والمليشيات الإيرانية الناشطة في سورية. وقد تكتشف روسيا أن من مصلحتها القيام بذلك، كلما ازدادت استثماراتها الاقتصادية في ترميم سورية وإعادة إعمارها.

•ويعتقد عميدرور الذي يشغل الآن منصب زميل بحث رفيع في “معهد القدس للدراسات الاستراتيجية”، بأن لدى إسرائيل الآن قدرات عديدة ومتعددة: اقتصاد متين وصناعات قوية، وجيش ومواطنون يتمتعون بالدافعية، وجبهة داخلية تتمتع بالمناعة النفسية. وبرأيه “إسرائيل اليوم قوة هائلة وقادرة على هزم أي واحدة من القوى الإسلامية المحيطة بنا”.

•لكن هنا بالذات تبدأ المخاوف بالتسرب. هل تحرص قيادة الدولة على تعزيز الجبهة الداخلية وتزويدها بالمناعة النفسية اللازمة للصمود في المواجهات المقبلة؟ وهل الروح القتالية لدى الجيش الإسرائيلي هي كما ينبغي لها أن تكون حقا؟ ليس تماما، كما يقول خبراء آخرون استمعت إليهم هذا الأسبوع.

•عوزي روبين زميل بحث في “معهد القدس للدراسات الاستراتيجية” ومؤسس مديرية “حوماه” (السور) في وزارة الدفاع للحماية من الصواريخ (والتي طورت صاروخ “حيتس”)، يحذر من أن استراتيجية إيران تتمثل في شن حرب استنزاف طويلة الأمد ضد إسرائيل؛ سلسلة حروب “إزعاجية” تسبب أضراراً للاقتصاد الإسرائيلي وتجعل الحياة فيها غير محتملة. وبدون استثمارات كبيرة في الدفاع عن منشآت البنى التحتية القومية وعن قدرتها على الصمود ـ والتي هي غير كافية برأي روبين ـ ثمة تخوف كما يقول من انهيار المناعة القومية الإسرائيلية، مما سيؤدي إلى هجرة مواطنين من إسرائيل.

•ويعرض المقدّم (احتياط) إيتان هونيغ من “طاقم كوهلت”، تخوفا آخر يتعلق بتغذية جنود الجيش الإسرائيلي برسائل وأفكار ليبرالية تقدمية تفتّ في عزيمتهم وتُضعف روحهم القتالية. فهو يدعي بأن الجيش قد أوكل مهمة “التربية القيمية” لجنوده خلال العقدين الأخيرين إلى هيئات ومؤسسات مدنية فصلت برامج “التراث القتالي” فيه عن أسسها وجذورها الضاربة في “تراث المكابيم” وفي التراث الصهيوني، في مقابل تقريبها من البرامج التربوية التي تشدد على القيم الإنسانية وعلى القانون الدولي (يؤمن هونيغ بأن الجيش الإسرائيلي يبدأ الآن بإصلاح الوضع من خلال إعادة تحمله المسؤولية عن وضع وتنفيذ برامجه التربوية، لكنني لست واثقا من أن الأمر يمثل إصلاحا حقيقيا).

•إن أكثر ما يثير القلق هو ما ساقه اللواء (احتياط) غرشون هكوهن قائد الفيلق الشمالي والكليات العسكرية سابقا، عن أن الجيش الإسرائيلي يهجر مناطق الأطراف في إسرائيل ويتخلى عنها. ويتولى هكوهن حالياً إدارة التقييمات الخاصة بقيادة الأركان العامة، ضمن تدريبات محاكاة الحرب المكثفة التي أجراها الجيش في شمال البلد قبل بضعة أشهر وهي التدريبات الأوسع التي أجريت حتى الآن. ويقول إن التدريبات شملت إخلاء عشرات آلاف المواطنين (وفي حال وقوع سيناريو مماثل في الجنوب، سيتم اتخاذ الإجراءات نفسها بالنسبة للمواطنين في المنطقة المحيطة بقطاع غزة).

•يصف هكوهن هذا بأنه حماقة. ليس فقط لأن الأمر لن يكون عمليا وقابلا للتنفيذ في إبان الحرب، وإنما أيضاً لأنه يمثل “تخليا تاما ونهائيا عن القيم الصهيونية”. ويتساءل هكوهن: “لماذا يخطط الجيش الإسرائيلي لعمليات إخلاء كهذه؟ أين اختفت مزايا الإصرار والتصميم والاستعداد لمواجهة الصعاب؟ لماذا لا تطلب قيادة الدولة والجيش من المواطنين الذين يعيشون في المناطق النائية الانحناء ريثما تمر العاصفة أو، أفضل من ذلك، تسليح أنفسهم والانخراط في المجهود الحربي؟”.

•ويرى هكوهن أن “علينا تعزيز طلائع الأطراف القوية والصارمة. ينبغي على حكومتنا إبلاغ هؤلاء بأنهم أبطال، ثم الاستثمار في منظومات دفاعية لوائية تضمن مشاركتهم فيها. عملياً يتعين علينا إنشاء تجمعات أخرى عديدة كهذه في المناطق النائية. ولكن بدلا من هذا، يخطط قادة الحكومة والجيش لإخلائهم والهرب”.

•ثم يوسّع هكوهن دائرة ادعائه هذا ليشمل أيضا غور الأردن ويهودا والسامرة [الضفة الغربية] ويؤكد أن المستوطنات هي ثروة وليست عبئاً في الحديث عن الدفاع عن الدولة وحمايتها، فـ”فقط في المواقع المأهولة باليهود يستطيع الجيش أن يسيطر. نحن بحاجة إلى الاحتكاك مع الميدان ومع السكان المحليين (العرب) بغية تعزيز الوجود اليهودي الثابت والدائم”. ويضيف: “البلدات المحمية، والحقول المفلوحة، والمواطنون المسلحون، وقادة الجيش الذين يتبنّون السكان في المناطق النائية ويقدّرون التضحيات التي يقدمونها ـ هذا ما تحتاج إليه إسرائيل”.

•أنا أتفق معه في هذا. إن العودة إلى البيت وإلى الهوية هي العنصر الأساس في الصهيونية الحديثة وانبعاث الشعب اليهودي. ومثل هذا الإخلاص ينبغي أن يكون جزءا من استراتيجيتنا العسكرية أيضاً.

المصدر: موقع “معهد القدس للدراسات الاستراتيجية” الإسرائيلي، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية
2/1/2018 http://jiss.org.il

Optimized by Optimole